فيس وتويتر

د.أشرف منصور يكتب :هذا الخطاب الإسلامي الذي يستعين بالنقد الغربي

لقد لاحظت أن النقد الذي تعرضت له الحداثة الغربية من جانب مفكرين غربيين وباتجاهات فكرية مختلفة قد أفاد منه بعض الإسلاميين. وجهت الاتجاهات النيتشوية ومدرسة فرانكفورت وتيارات ما بعد الحداثة ذلك النقد من منطلق أن الحداثة الغربية لم تكن تحريرا للإنسان بل زيادة في الهيمنة عليه، ولم تكن عقلانية بل قدست العقل وصنعت منه صنما وانتهت إلى عقلانية اداتية نفعية، ولم تحرر الإنسان بل اخضعته لسلطات أخرى لم تكن معروفة من قبل مثل سلطة رأس المال. ولم تحقق العدالة والمساواة بل أدت الى المزيد من الانقسامات الاجتماعية والتفاوت الاقتصادي.
فرح الإسلاميون بذلك النقد الموجه للحداثة ومن جانب الغربيين أنفسهم وقالوا إن الحداثة فاشلة باعتراف أصحابها، وأن الإسلام هو الحل.
هذا الخطاب الإسلامي الذي يستعين بالنقد الغربي للحداثة كي يصب في صالح رؤية الإسلام السياسي لا يجب ان يشتت انتباهنا عن أن الحداثة التي ينقدها الغربيون هي نتاج تجربتهم هم، وأنها لم تكن بالفشل الذي يزعمون، ولم تؤد إلى العكس التام لما كانت تنادي به بل حققت الكثير من وعودها.
نحن في أمس الحاجة للحداثة الآن، بالرغم من كل النقد الغربي الموجه لها، وبالرغم من التوظيف الاسلاموي لهذا النقد. لكن في دفاعنا عنها لا يجب ان نقع في شرك الدفاع عن الحداثة الغربية، بل يجب الدفاع عنها باعتبارها قيمة مستقلة بذاتها، وإلا دخلنا في جدل عقيم مع الإسلاميين، وهو عقيم لأنه كلما دافعت أنت عن الحداثة على النمط الغربي اتوك هم بالنقد الغربي لها وقالوا لك انظر كيف نقد الغرب نفسه الحداثة الغربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى