فيس وتويتر

مصطفي السعيد يكتب :كاريزما قاسم سليماني

يرى البعض أن إيران دولة مؤسسات، وأن خسارة أي قيادة إيرانية يمكن تعويضها بسهولة، فقد خسرات إيران وحلفاؤها قيادات كثيرة دون أن تهتز، وقد يكون هذا الرأي فيه بعض الصحة، لكن هناك شخصيات لا يمكن تعويضها بسهولة، وفي مقدمتها القائد سليماني، وهو ما يتضج في تشييع الملايين المهيب لجثمانه، فرغم أنه لم يدرس العسكرية، ولا يحمل سوى مؤهل متوسط، فهو موهبة عسكرية وسياسية غير عادية، فالجنرال الفيتنامي جياب الذي هزم فرنسا وأمريكا في عز قوتهما لم يدرس العسكرية، ولم يكمل تعليمه الجامعي في كلية الفنون الجميلة، وترك الدراسة ليتطوع في الجيش الشعبي، وتحول إلى قائد عسكري يصعب أن نجد له نظيرا بين أكبر القادة العسكريين في أمريكا وأوروبا، والجنرال سليماني أيضا تطوع مبكرا في الحرس الثوري، ويعشق التواجد في الصفوف الأولى في ميادين القتال، وأصيب أكثر من مرة، أحدها واضحة على عينه، وموهبته لا تتوقف عند حدود الخطط القتالية، وفهمه لقدرات ,اسلحة ومعنويات الجنود، والعيش معهم في الخنادق يتقاسم معهم الطعام وأماكن النوم، إنما يفهم جيدا في الجوانب الإستراتيجية، وهو رجل الأزمات الصعبة، تواجد في خط النار في لبنان أثناء حرب 2006 مع إسرائيل، مثلما تواجد في معارك حلب وغوطتي دمشق ودير الزور وسباق السيطرة على الحدود السورية العراقية، وأنهى تمرد كردستان العراق، والمصالحات بين العراقيين، وهناك أدوار أخرى لم يتم الإعلان عنها بعيدا جدا عن إيران، وساعد دولا وقوات في بلدان عديدة، ورغم ذلك فهو لا يشغل منصبا رسميا مهما، لأن فيلق القدس الذي يقوده رسميا ليس أكثر من فيلق في الحرس الثوري، بينما دوره الحقيقي يفوق التسمية الرسمية لموقعه بكثير، وهو لا يحب الأضواء، وليس له إلا حوارا واحدا أجراه مؤخرا، وأكثر ما لفت انتباهي في الحوار أنه كان على الجبهة في مواجهة داعش في البادية السورية، وعلم أن سيارة استطلاع دخلت منطقة سيطرة داعش وتعطلت لنفاذ الوقود، فأصر على حمل عبوة بنزين، وركب دراجة نارية بنفسه، ودخل منطقة سيطرة داعش، ووصل إلى السيارة المعطلة، وكانت مفاجأة الجنود أن الجنرال سليماني هو من أحضر لهم البنزين على دراجة نارية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى