فيس وتويتر

مصطفي الفيتوري يكتب :كورونا قد تبيد نصف الأمريكيين وتطيح بالرئيس

كورونا قد تبيد نصف الأمريكيين وتطيح بالرئيس فيما تكشف هشاشة نظامها الصحي رغم كل قوتها :
مشكلة امريكا مع الكورونا اكثر تعقيدا من الصين ورغم ما تبدو عليه الدولة الأقوى عسكريا وأقتصاديا الا أنها في الحقيقة أوهن بكثير من الصين فيما يتعلق بالفيروس. ومن أسباب ضعف الولايات المتحدة هو أنها لم تأخد الأمر على محمل الجد ودأب رئيسها على الكذب والتبجح عن أستعدادات البلد ليكتشف الأمريكيون أن بلادهم تفتقد حتى للملابس الواقية بكميات كافية ناهيك عن غرف العزل. وقد تبين الأن ان الرئيس ترمب قد حذره المختصين مبكرا الا أنه لم يفعل الكثير وظل يهوّن من الكارثة الفيروسية ورفض حتى اجراء الكشف على نفسه رغم الشبهات القوية بأصابته! بل أنه ألمح الي ضرورة الصلاة والدعاء في ما بدأ وكأنه محاكاة لبعض مشايخ الأسلام المتحجرين والمتخلفين ــ ممن يجب منعهم من الكلام! وفي وقت متأخر أدرك الرئيس الكارثة وأستمع للمختصين ولكن الوقت فات ولهذا لجأ الي تفعيل قانون طوارئ قديم يخوّله أستخدام القوات المسلحة والاستيلاء على المرافق الصحية الخاصة لمواجهة الوباء الا أن مشكلة أمريكا الحقيقية بنوية متصلة بأمرين: نظامها السياسي الرأسمالي القاسي والنظام الصحي الذي هو نتاجه طبعا. وهذة الأسباب البنوية تدفع الي القول أن حجم الكارثة سيكون كبيرا وأتوقع أن يتجاوز ما حدث في الصين وأهم الأسباب:
@ في امريكا يوجد قرابة 12مليون مهاجر غير قانوني يعيشون ويعملون دون اي وثائق وهؤلاء لن يذهبوا لأي كشف ولا علاج لانهم يخافون القبض عليهم وترحيلهم (وملاحقتهم هدفا لأدارة ترمب منذ اليوم الأول) علاوة على ظروفهم المالية. الي جانب هؤلاء يوجد قرابة 740 الف مهاجر اخرين ممن لديهم نوع من الاقامة القانونية ولكنهم مهددين بالترحيل وكثيرين منهم يواجهون صعوبات مالية وبالنسبة لهم الكشف عن الوباء ليس اولوية!
@ يوجد هناك أكثر من 50 مليون مواطن أعمارهم فوق 65 وهؤلاء اكثر عرضة للوباء واقل حظا في العلاج لان طريقة وإمكانية وتكلفة علاج المرض تفرض على النظام الصحي إعطاء الأولوية لصغار السن وترك الكبار يواجهون مصيرهم كما حدث في ايطاليا. الي جانب هؤلاء يوجد أكثر من 30 مليون مواطن بدون تأمين صحي وهذة الفئة لن تلجأ الي اي كشف الا كأخر أولوية لهم.
@ مقارنة بالصين فهذة أرقام مفزعة جدا. فسياسية الصين تجاه الهجرة كانت دوما متشددة ولهذا أعداد المهاجرين غير الشرعيين فيها قليلة مقارنة بأمريكا ولا تساوي شئ وسط عدد أهل البلد الذي تجاوز 1.5 مليار أنسان! ولهذا لم يكن لهم دكر في الحالة الراهنة.
@ متوسط كلفة الكشف في أمريكا حوالي 150 دولر وغالبا لا يشملها التأمين (في الصين 34 دولر) أما كلفة العلاج في أمريكا لأي مصاب تزيد عن 20 ألف دولر يدفع منها الفرد المتمتع بالتأمين الصحي قرابة 1300 دولر وهو مبلغ كبير ولا يغطيه التأمين. في الصين الكلفة قرابة 500 دولر وأقل من 1000 دولر مهما زادت!
ولهذا كله فأمريكا الآن تحتاج الي معجزة للحد من أثار كورونا على السكان بالذات. أما الآقتصاد فكل المكاسب التي حققها مؤشر البورصة (داو جونز) منذ تولي ترمب السلطة خسرها اليوم بسبب الكورونا. ولطالما تفاخر ترمب بمؤشر البورصة وأرتفاعاته المتكررة منذ 2017 معزيا ذلك لسياسته الإقتصادية. ومعروف عنه أنه وفي كل صباح يسأل عن أمرين: الأول مؤشر البورصة الثاني معدل شعبيته بين الناس وأداءه كرئيس!
أما عسكريا فأن الفيروس وعدم التصدي له مبكرا دفع بوزارة الدفاع الي أعادة النظر في حركة القوات في الخارج ووقف نقلها وأعادة بعضها (أفغانستان والعراق) وهذا يزيد من المخاطر الأمنية لتلك القوات ــ ويزيد من كلفة تأمينهاـــ ويحدث خلالا في الأستراتيجية الأمريكية المبنية على قواعد مثبتة بمواعيد محددة –الأتفاق مع طالبان مثلا!
في المجمل أتوقع أن يتحول الوباء الي قضية أنتخابية (ربما يتم تأجيلها من نوفمبر القادم؟؟) وهذا سيضر بترمب كثيرا وقد يكون أول رئيس أمريكي يطيح به وباء عالمي!
أمريكا القوية عندما تفتقد القيادة الحكيمة تتحول الي مجرد دولة أخرى كأي دولة! كان المأمول أمن البعض ان تقود العالم فاذا بها بالكاد تحمل نفسها!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى