كتاب وشعراء

تفاعُلاتٌ شِعرُ_سَماويّة…شعر حسن الخندوقي/المغرب

رأيتُ صوتَها يُحَدِّثُ المَدى
كما يُحَدِّثُ الأنبياءُ أقوامهم بالهُدى
و يُحْدِثُ في الأجواء
ذبذباتٍ يمتصها الأثيرُ
كما يمتص حَمَلٌ مرتعشٌ
حَلْمَةَ أُمِّهِ الشَّاةِ المرهقة العجفاء

سمعتُ نظراتها تتوسل الله
أن ترى من يرى صوتها
كنافذة في جدار الصمت
المخيم على زمن الوهم
و تتسول من يده
مسحة قدسية
على ضرع الشاة العجفاء

و ما لهذي السماء
كلما نفذ ، في عينه ، صوتُها
ابتعدَتْ في المكان
و كلما ، في سمعه ، نفذت نظراتُها
اعتلَتْ صهوةَ الزمان
كأنها و إيانا فَرَسا رهان

و من آياتها ؛ أنا و أنتِ
و هذا الخفقان
كأننا الزئبق
و هذي السماءُ مِحْرار
فأين نَدُسُّ السماء
و أعضاؤنا في دِقَّة الحروف
التي بها أكتب هذا النبض
المتسارع في شوارع ” المدينة الفاضلة ”
و لا فضيلة فيها سوى إخراجِ لسانها
سخرية مِنّا
و إخراجِ أوجاعنا إلى دائرة الضوء
إمعانا في تعذيبنا
حينما يشاهدنا المارّون في عروقنا
مرور اللئام
و العابرون في شراييننا
عبور الشامتين
أنا الشارد في حكمها
و الشريد في حكمتها
و المشرد في ما بينهما
و أنتِ ملهِمة الشرود في كل ذلك

و آية لهم أنّا خُلِقْنا
لنعشقَ السماء
و نعشقَ بعضنا
و تعشقَ السماء بُعْدَنا
فبَعْدَنا لا سيرة عشق
تشبه سيرتنا.. و لا حتى قَبْلَنا
و قَلْبُنا واحد يضخ دماء
من فصيلة نادرة
في جسد هذه المدينة
المصابة بالأنيميا
ها هي ذي تحيا بنا
و نحن فوق أديمها
و تحت سمائها
يُشَيِّعُنا المارّون و العابرون
في دَمِنا
كما تُشَيِّعُ الشمس أرضا
ليغشاها الظلام
بَيْدَ أن الشمس تعود صباحا
و هم ناكرون منكرون
أخذوا الضوء و الدفء
و غادروا دماءنا مشردة
على أرصفة المدينة

أيتها السماء ، ارفعي صوتها و نظراتِها
بأشعة الشمس النورانية
و بُثِّي في عينَيَّ و أذنَيَّ
من سناهما عبر أشعتها الدافئة
أنتِ الوفية من دون عَمَد.. نراها
و هم خُشُبٌ مسندة.. نراها
و شتان بين الرؤيتين
إننا محض حواس تعيش
على بعد ” مدينة فاضلة ”
بتفاعلاتٍ شِعْرُ-سَمَاوِيَّة
وَحْياً مِنْ وراء حجابٍ
و ما أُرْسِلَ إلينا رسولٌ
يهدينا إلينا لنهتديَ إلى بعضنا
و لا أُرْسِلْنا هُداةً لأحدٍ
و لا لقلبَيْنا كي يَخْفُتَ فيهما الشوق
و حاشا للسماء أن ترضى لنا
كل هذا الشتات…

الشعر أكذوبتُنا الكبرى
و السماء حقيقتُنا
و بينهما أنا و أنتِ
و هذا الشوقُ و هذا الشتات
يا حبيبةَ قلبي
و حقيقةَ شعري
و مُصْطَفاةَ السماء إليهما

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى