كتاب وشعراء

رسائل مُقْتَضَبَة .. منّي إليّ ….. بقلم // رضا لمريني // المغرب

رسائل مُقْتَضَبَة .. منّي إليّ
.
٠62٠ ربيع الشعر و الشعراء
● رسالة 21 / ثلاثية .. العُمر ، أبريل وأنا
.
أبريل :
ها أنت ذا قد بلغتَ من العمر عُسِيّا
.
أنا :
و ما القديم / الجديد في ذلك ؟
.
أبريل :
سلِ العمر
.
أنا :
سألتُه فارْتَدَّ على كأسَيْه
.
أبريل :
كأساه ؟
.
أنا :
الحياة و الموت
.
أبريل :
و ما سؤالك و جوابه ؟
.
أنا :
يا عُمْرُ .. تأخذني .. إلى أين ؟
.
العمر :
إلى حيث لا نكون معًا
.
أنا :
أوَ كنّا حتّى لا نكون !؟
.
العمر :
كنتُ لصيقك .. طيَّ نسيان
.
أنا :
أَ فضَلةً حَيّزَ كُمون .. حثالة كأسِ حَلاَق .. بقيّة أرْمِدَةِ لظى ..
هسهسة قطراتِ ندى .. عسعسة سحابٍ ممطر .. ضربة شمسٍ
لافِحة .. قعْدة مَهَبِّ الرّيح .. آخر القصائد المُتناثِرة .. مُسْتَهَلّ
الرّمق الأخير .. أمْ مشية الهوينى إلى المنون .. يا عمْرُ ؟
.
العمر :
كاس الحياة بكاس الموت .. يا ساَّلُ
.
أنا :
الحياة .. علامات تعجّب .. ألغاز مُختبِئة في السّنا
الموت .. علامات استفهام .. أسئلة تتحدّى الدّلس
.
العمر :
صَدْمتان .. بيْن الاسْتِهْلال و الحَشْرَجَة
عقدة رَبْط .. الحياة
عقدة فَصْل .. الموْت
.
أنا :
حدّان .. بين الكأسين
رغْبة بِناء .. الحب
رغْبة هدْم .. الكراهية
.
العمر :
برزخان .. بيْن الحب و الكراهية
حياة حضور .. الوجود
حياة غياب .. العدم
.
أنا :
حَيّزان .. بين الوجود و العدم
مَرْبع إقامة .. الهُنا
مربع قيامة .. الهناك
.
العمر :
عاقبتان.. بين الهُنا و الهناك
زمن زوال .. الآن
زمن بقاء .. الماورا .
.
أنا :
بُعدان .. بين الآن و الماورا
مدى عاجل .. المتناهي
مدى آجل .. اللامتناهي
.
العمر :
ضيْقان .. بين المتناهي و اللامتناهي
قلق مُتعدّد .. الجسد
قلق أحادي .. الروح
.
.
ثمّ استفزّني :
وكأنّك تخاف الموت ؟
.
أنا :
الموت مِن أسرار المعاني ..
لكنّيَ ..
أتهيّب سرَّ أسراره عليَّ ..
أرتاع ميتة الكلمة فيَ
.
.
فأفْرَد لأشياء معنى :
النار يبرد رمادها .. فتموت
الريح يهدأ هبوبها .. فتموت
المشاعر يخبو سُعارها .. فتموت
اللفظ يندثر تداوله .. فيموت
الأرض لا يطؤها ماء .. فتموت
الانسان يحين أجله .. فيموت
.
فأضفيتُ على الزمان معنى :
يُفني الزمان .. ولا يموت
.
ثمّ استطردت :
في اللّاخوف من الموت خوف ما ..
ذاك لِمَن ادّعى
.
العمر :
دعْ أبريل يلتقط لك صورة
.
أنا :
بالأسود و الأبيض
.
أبريل :
و لِم لا بالألوان
.
أنا :
بالألوان .. إثارة .. تعقيد .. تعدّد .. نغمات .. تباين .. تلوين
بلا ألوان .. لذة .. دهشة .. أحادية .. ظلال .. تجانس .. تمكين
.
أبريل :
أوَ لستَ ممتنًّا لصورك الملوّنة ؟
.
أنا :
ممتنٌّ للحُلم ..
يلتقط صُوَري
بالأبيض و الأسود
يرسم استهاماتي
دونَ محظورات
يشاهدني
كما ينبغي أن أكون
عاريًا .. من أحاسيسي البالية
فارغًا .. من أفكاري المتشائمة
.
أبريل :
المهمّ أن تعكس الصورة أوانك .. لا حُلمَك
.
أنا :
الأسود و الأبيض ..
لونا الحلم و الماورا ..
بالألوان ..
لا صورة تطابقني ..
تتأمّلني ..
تتكلّم باسْمي
.
أبريل :
الوجه و الخطاب متطابقان
.
أنا :
للصورة تأويلاتها
.
أبريل :
صورتك
ماضي مستقبلك
مستقبلُ حاضرك
.
أنا :
لِيومي أمس .. ما كنتُه
لِأمسي غد .. ما صِرتُه
لِغدي عُمر .. ما بقيتُه
لِعُمْري كتاب .. فيما أفْنَيْتُه
.
أبريل :
ذاكرة الصورة .. بعدها الرّابع
.
أنا :
بُعدها الغائب روح
روحي لا صورة لها
مِن زمن سحيق
كتابا مفتوحا
شِعرا مُخَبَّئا في الماورا
.
أبريل :
صورتك .. هويتك
.
أنا :
هويتي .. عوالمي .. مواقفي ..
تصوّراتي ..قراءاتي .. كتاباتي …
.
أبريل :
لألتقطَ صورة وجهك الخزّان .. وستعلم لِمَ
.
أنا :
وجهي ..
زمنُ كتاب .. لغة شِعر
.
أبريل :
هذه المرة ستعبّر الصورة عنك ، تماما
.
أنا :
لن تخدعني خيمياء صورة ..
و قد جاوزتُ .. رميتُ .. زاحمتُ .. تعدّيتُ .. قاربتُ العُتِيّا
.
( أخذ لي أبريل صورة بالألوان .. بين غِرَّة و توقّع )
.
ثمّ علّق :
وجهك
مريح صامت
أشبه بحمرة الشفق
ليس بدافئ و لا بارد
بل شفيف
مثل صمت الغروب
.
قلت :
ذاك تأويلك ..
لا صورة
تعكس حقيقة الوجه
وتنفذ لجوّانيّه
.
فقال العمر :
أراكَ هُوَ هُوَ
في الصورة و خارجها
.
قلت :
الذّات برّانيّة
في الزمن المُسْتحدَث
جوّانيّة
في الزمن الأصيل
.
ثمّ أرْدفْت :
كلّما جَعُدَ الوجه ..
كبُرَ الماضي و تَغَضَّن ..
اِنْحسر الحاضر و اكْفهرّ ..
صغُر المستقبل و انْكَسَف ..
و توارت البسمة خلف الوجه الغيْبي
.
قال :
ألستَ المبتسم في الصورة !؟
.
قلت :
حينئذ فقط تذكّرتُ ..
.
قال :
اِستحضرتَ ميلادك ؟
.
قلت – باسما – :
آنذاك ..
ابتسمتْ روحي ..
لروح أمّي .
.
قال :
لِمَ أمّك ؟
.
قلت :
اِمرأة ،
ليست كالنّساء ..
اِسمها ،
قرّة الأسماء ..
وجهها ،
نَضرٌ فيه شِفاء ..
في حضورها ،
حياةُ اكتفاء ..
في غيابها ،
حياةٌ وَعْثاء ..
الأمّ ،
بين كلّ صُوَرِ الكلمات ،
هي الأَلِفْباء .
.
قال :
و الأب ؟
.
قلت :
أوّلَ صِباي ..
أَسَرَّ لي ..
دونكَ يدي ..
مِنْ يومها ..
يدي يدُ أبي
.
قال :
وماذا بعْدُ ؟
.
قلت :
سأترك
ميلادي لمماتي
حتّى يتبيّن الخيط الأبيض من الأسود
لِأنْصَرِفَ إلى ما لم أكتب قبْلُ
.
( لمْ أدعِ الصورة تعبّرُ برّانيَّ ماهيتي ، فقط ، بل ركّبْتُها كلمات
بالأبيض و الأسود حتى تعبّرَ جوّانيّ كينونتي )

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى