أخبار التعليم

مدرسه الكرامه بالجلاوية ،،،،،: نبيل حزين يكتب :محطات تربويه في حياتي ( ٢ )

بعد جهد ومعاناه وصعوبة الطريق وصلت لمدرسة الكرامة – برعاية الله تعالى – حاملا خطاب تعيني معلما للغه العربية بالمدرسه ،وقد قُبلتُ بترحاب وحفاوة شديدتين من الإدارة وجميع المعلمين وخصوصا معلمي اللغه العربيه بالمدرسه ، وقدمت لنا الضيافه المتوفره بالمدرسه وهي عبارة عن كوب من الشاي مصحوب بكوب من الماء البارد ، يروي ظمئنا ويعيد الحيوية والنشاط لنا ، وبعد قليل قُدم لنا كوب من الحلبه الحصي ثم انهالت علينا المشروبات بشتى أنواعها الباردة والساخنة
ومن أول وهلة شعرت بارتياح مصحوبا بالحذر ؛ ولم أشعر بغربة بالمدرسة .
ومدرسة الكرامة تتسم بالجد والانضباط والتميز العلمي ،وذلك بفضل الله أولا ثم إدارتها المنضبطه بقياده الأستاذ أحمد سليمان ابن الجلاوية – رحمه الله – و معلميها الأفاضل المخلصين ، فشعرت بألفة وارتياح بعد هذه المقابله الطيبه من جميع العاملين بالمدرسة وبعد ذلك تعرفت علي نظام إدارة المدرسة ومواعيد بدء اليوم الدراسي ونهايته ،وهي تعمل بنظام فترتين فتره صباحيه ،وأخرى مسائيه.
ثم إلتقيت بالمدير بصحبه معلمي اللغه العربيه ،وبدأ يوزع علينا المهام والأعمال والجدول المدرسي والخطط اليومية والسنوية والإشراف اليومي وشبه اليوم فعرض عليَّ المدير جدولا بالفترة المسائية، وهذا الجدول غير مناسبا لي ،فاعتذرت بلباقة وطلبت الفتره الصباحيه ؛لأنني سجلت دراسات عليا بكليه التربيه بسوهاج واجتزت اختبار التوفيل ( لغة إنجليزية ) وقبلت وبدأتُ محاضرات بالفعل وهذا يتعارض مع جدول الكلية الذي تبدأ محاضراته من بعد الثانية مساء ،ولابد من من حضور نسبة لا تقل عن 75 ‎%‎ ؛ حتى استطيع استكمال الدراسة بالكليه ، ويسمح لي بدخول الامتحان بالإضافة لصعوبة المواصلات بالفتره المسائيه،
و كما تعلمون المدرسه بها استراحه خاصة بالمعلمين للإقامة وهذه غير مناسبة لي وفوجئت برفض قاطع لطلبي وهو العمل بالفترة الصباحية والبعد عن الفتره المسائيه و بعاصفه من الغضب الشديد وكأنني ارتكبت ذنباً لا يغتفر أو أتيت بفري لم يأته أحد من قبل ورأيت ملامح وجوه الحاضرين تتغير وتأخذ ألوان مختلفة، وبدأت النظرات تحاصرني وتصوب نحوي ما بين نظرة إشفاق وحيرة ودهشة ونظرة ترقب وانتظار لما يسفر عنه هذا الرفض الذي لم يتعودوه من قبل ،برغم أنني قدمت الحجج والمبررات لذلك ، لكنها لم تلقَ قبولا ؛ لكي تشفع لي وصممت إدارة المدرسة على رأيها أن أعمل بالفتره المسائيه -حتي قيل لي اذا لم يناسبك العمل معنا قدم استقالتك وانتظم في دراستك العليا- ولكنني التزمت الصمت ولم أنطق بحرف واحد انتظارا ؛ لما سيحدث
وبعد دقائق خرجت من غرفة المدير بصحبه معلمي اللغه العربيه والمعلم الأول الرجل الطيب المهذب بالمدرسه وجلسنا معا وأخذ يأخذ بخاطري ويسهل لي الأمور ، من أجل أن ألين وأرضخ للموافقة علي العمل في الفترة المسائية ،فوافقت علي العمل بالفتره المسائيه علي شرط أن أشتغل الحصص الزيادة بالمدرسة بالإضافة لجدولي الأساسي وهو 21 حصة والحصه الزياده كانت تحسب ٧٥ قرش في ذلك الوقت ،فقدمت هذا العرض ،حتي أستطيع الجمع بين فترتين :الصباحية والمسائية وأنا أعلم أنها محاولة ضغط قد تلقى استحسانا أو تقابل بالرفض ، ولا أخفيكم سرا أنني عندما قدمت هذه الفكرة أردت أن أجمع بين الفترتين الصباحيه والمسائيه؛ لأن عدد الحصص سوف يصل إلى أربعين حصه وهذا العدد لا يسمح بالعمل فتره واحده وإنما يجوز بالفترتين والجدول في هذه الحاله ، يوزع أواخر الحصص الصباحيه وأوائل الحصص المسائيه فهذه فرصه عظيمة ؛ أحضر للمدرسة في بدء الحصه غير ملتزم بالحضور مبكرا وحضور طابور الصباح والخروج مبكرا دون الإلتزام بنهاية دوام المدرسة ،فرفض المدير رفضا قاطعا وتمت الموافقة علي العمل ٢٢ حصه صباحاً بزياده حصه واحده علي الجدول فوافقت علي هذا العرض وهو المطلوب وبدأت انظم مواعيد حضوري للمدرسة عن طريق الحافلة -أتوبيس النقل- العام الذي يخرج من سوهاج متجها لأسيوط وهذا الأتوبيس كانت مواعيده دقيقه جداً وكان يستقله مدير المدرسة وبعض من المعلمين فكنت أستقله من أمام الجامع العمري بأخميم الساعة السادسة صباحا ، حتي قريه المستعمرة ثم أترجل سيرا علي الأقدام مسافه كيلومترين تقريباً بصحبه مدير المدرسة وبعض المعلمين، ونحن مستمتعون بشروق الشمس وجمالها والدفء الذي تمنحنا إياه وجمال الخضرة علي جانبي الطريق والمياه الجاريه وحركه الفلاحين بالحقول حتي الوصول للمدرسه قرابه الساعه السابعة والربع صباحاً أي قبل بدء طابور الصباح المدرسي الذي كان يبدء في تمام الساعة الثامنه إلا ربع وكان مدير المدرسة الفاضل يذهب لمكتبه ويقوم بالتوقيع في دفتر الحضور ثم تصطحب كتبه متجها نحو أحد صفوف الصف الثالث الإعدادي من أجل تقويه التلاميذ باللغة الإنجليزية التي كان يدرسها وهذه من السلوكات التربويه التي أعتقد أننا افتقدناها في مدارسنا اليوم وهي حصص التقوية المجانيه التي كان يقوم بها المعلمون طواعية من أجل رفع مستوي الطلاب فهذه العادات التربويه الطيبه هي أول درس تعلمته في بدء حياتي بالتربية والتعليم من مربي الفاضل في حجم الأستاذ أحمد سليمان -رحمه الله- مهما اختلافنا نحو تصرفاته إلا أنه يعد مدرسة تربوية وإدارة وخبرة نادرة صعب يجود بها الزمان مرة أخرى نعم قد نختلف مع هذا الرجل في كثير من التصرفات ؛إلا أنني لا أنكر فضله عليَّ وعلى التربية والتعليم
هو رجل شديد الانضباط لا مجال للوساطة والمجاملة لديه برغم خلافي معه مرات كثيرة إلا أنني استفدت منه استفادة كبيرة. وهذا رأيي في هذا الرجل وقد يخالفنا البعض هذا الرأي.
تعلمت منه الانضباط والحضور المبكر للمدرسه والالتزام بالتوقيع في الوقت المحدد والإهتمام بالعمل ومتابعة الطلاب والجد والنشاط .
وللحديث بقيه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى