فيس وتويتر

فراج إسماعيل يكتب :دبلوماسية “الكشري” بين القاهرة وواشنطن

لم يكشف عن ما وراء زيارة كبير مستشاري ترامب وصهره (والد زوج ابنته) للقاهرة مسعد بولس، سوى أنه التقى الرئيس السيسي ووزير الخارجية ورئيس المخابرات العامة.
لكن اللافت أنه قصد مطعم أبو طارق الشهير في وسط البلد، وتناول فيه “الكشري” مع سفيرة الولايات المتحدة، العراقية الكردية الأصل، هيرو قادر مصطفى، وأعد مكونات طبقه بنفسه.
وبالنظر إلى مكانة بولس في عقل وقلب ترامب، نستشف أن القاهرة تلاعب واشنطن بتاريخها الشعبي العميق، وذلك ترجمة عملية لقول عمرو موسى عندما سئل عن سبب عدم زيارة ترامب للقاهرة خلال جولته الخليجية “مصر دولة محترمة”.
دبلوماسية “الكشري” تكملة لدبلوماسية “خان الخليلي” التي شهدت جولة الرئيس الفرنسي ماكرون وسط الناس وتناوله الطعام في مطعم هناك.. وبعد عودته رأينا تحولاً أوروبيا ضاغطا بشدة على إسرائيل بشأن الإبادة في غزة.
ترامب فشل حتى اللحظة في كل رهاناته مع القاهرة ولم تنجح معها ضغوط العواصم الخليجية التي أغرقته بالهدايا والصفقات.
لن ينتظره في القاهرة إلا طبق “الكشري” الشعبي وإصرار على خطوط حمراء لا تنازل عنها.
وعند الخط الأحمر المتعلق بغزة يقول الكاتب الصهيوني الإسرائيلي زافي باريل إن ترامب تنازل تماما عن خطته تهجير الغزيين إلى سيناء، وقد أبلغ القاهرة بذلك.
لكن هذا لا يعني أن نتنياهو سيتوقف عن الإبادة، ودفع الغزيين إلى مربعات صغيرة قرب الحدود المصرية، بحيث يتحولون إلى تسونامي يجتاز الحدود، ولن يتمكن المصريون من التصدي له، كما حدث عام 2008.
فهل هناك محاولة أمريكية لطرح صفقة بديلة على القاهرة، جعلت زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد يطالب بأن تدير مصر غزة وهو أمر رفضه المصريون سابقاً.
لا يريد ترامب أن يقطع شعرة معاوية مع أكبر دولة عربية. لقد ذهب إلى الخليج ليمنع الصين عن الوصول إلى موطن الطاقة، لكن الصين موجودة بالفعل عند حليف أهم جيوسياسياً وشعبياً وعسكرياً وهو مصر.
المناورات العسكرية المشتركة بين البلدين وزيارة قائد القوات الجوية لبكين وقاعدة جوية شهيرة هناك، تقلق واشنطن كما أقلقت إسرائيل.
إضافة إلى أن الخبرات الصينية في التوسع الزراعي المصري، ووجودها في منطقة الاستثمار في قناة السويس، أوراق مهمة.
إذا كان ترامب قد فشل في الكمين الذي استدرج إليه رئيس جنوب أفريقيا في المكتب البيضاوي بسبب أن الأخير كان مستعدا واصطحب معه لاعبي جولف أفريكانيين ووزير الزراعة وهم من ذوي البشرة البيضاء، وتكفلوا بالرد فيما التزم هو الهدوء المستفز لترامب.. فإن القاهرة هي الأخرى تلعب حتى الآن بنجاح لعبة شد الحبل مع ترامب، فالبديل الصيني جاهز وأوروبا تتفهم ذلك.. وسيصاب ترامب بصدمة هائلة إذا زار الرئيس الصيني العاصمة المصرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى