فيس وتويتر

محمد عبد العاطي يكتب :اختارت إيران الانتظار حتى حلول الظلام لبدء ردها

اختارت إيران الانتظار حتى حلول الظلام لبدء ردها على الهجمات التي تعرّضت لها منذ فجر اليوم، وذلك تفاديًا لرصد أقمار التجسس منصّات إطلاق الصواريخ أثناء خروجها من مخابئها، ولتقليل فاعلية منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلي في اعتراضها. وقد تحقق لها بعض ما أرادت، إذ نجحت عدة صواريخ – لم يُعرف عددها بدقة حتى الآن – في بلوغ أهدافها وتدمير المواقع التي انفجرت فيها.
ولا شك أن تلك الصواريخ، إلى جانب إعادة تفعيل بعض منظومات الدفاع الجوي الإيراني، والإعلان عن إسقاط طائرتين وأسر قائدة إحداهما، قد أسهمت في رفع معنويات الجيش والشعب الإيراني بعد الصدمة التي تلقياها طوال النهار، كما أن من شأن هذه التطورات تحسين الموقف العسكري نسبيًّا.
إنها الحرب إذن؛ قصف وقصف مضاد، تدمير وتدمير مضاد… كرة النار التي بدأت في التدحرج، وعود الثقاب الذي أشعل النيران. وكما أشرنا في تعليق سابق، فإن رد الفعل الإيراني الذي برز هذا المساء قد يدفع الطرفين، الإسرائيلي والأميركي، إلى التفكير جديًّا في التعامل مع جولة المفاوضات المقررة يوم الأحد المقبل في مسقط، على أمل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ومعالجة القضايا المتعلقة بالبرنامجين النووي والصاروخي.
غير أن ذلك يتوقف على حجم الأضرار لدى الطرفين، وعلى التقييم الإسرائيلي-الأميركي لما تبقى من القدرات العسكرية الإيرانية، كما سيتأثر أيضًا بمسار المعارك المتوقعة غدًا السبت، والتي يُرجّح أن تكون أشد ضراوة، لا سيّما من جانب إسرائيل. وقد تطال الضربات الإسرائيلية أهدافًا مدنية، كما هيّأت لذلك مساء اليوم حين أعلنت أن الهجمات الإيرانية تجاوزت الخطوط الحمراء باستهدافها مناطق مدنية وإلحاق أضرار بها تراوحت بين إشعال النيران والتدمير الجزئي أو الكلي. وكان بإمكان تل أبيب إخفاء هذه المعلومات، لكنها قررت إعلانها – وربما ضخّمتها أو افتعلت بعضها – ما يعني أنها تمهّد لضرب مناطق حيوية سيكون لها تأثير مباشر على حياة المدنيين الإيرانيين، وربما تسعى من خلال ذلك إلى دفعهم للتمرد على النظام، كما حاول نتنياهو تحريضهم هذا المساء.
الخلاصة أن رد الفعل الإيراني هذه الليلة وجّه رسائل إيجابية إلى الداخل والخارج، وقد يدفع إسرائيل والولايات المتحدة إلى التفكير في وقف التصعيد عند هذا الحد، أو – على العكس – قد يدفعهما إلى مزيد من الضربات المركّزة على منشآت مدنية من طرق وجسور ومصانع وغيرها. وإذا حدث ذلك، فسيتبعه رد فعل، ثم رد فعل مضاد، وتستمر السلسلة… في مشهد يتكرّر كثيرًا في الحروب التي تبدأ ثم تستعصي على الإيقاف، ويعلق فيها الجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى