كتاب وشعراء

التي استيقظتْ …..بقلم فيروز مخول

كُنتُ أَصنعُ سُلَّماً منَ الصَّمْتِ
أُعلِّقُهُ على جدارٍ لا يراهُ أَحدٌ.
لَمْ يَقُلْ لي أَحدٌ ..
كيفَ أُمسِكُ الغَيْمَ مِنْ خاصِرَتِهِ
ولا كيفَ أُفَسِّرُ ارتِباكَ الضَّوْءِ
في عَيْنَيْ وَرَقَة.
لكنَّني كُنتُ
أَعْرِفُ أَنَّ الهَمْسَ لا يُقال
بلْ يُرَبَّى في ظِلِّهِ جِيلٌ منَ الأَسْئِلَة
ذاتَ جَفافٍ
أشارَ لي ظِلٌّ قديمٌ
أَنْ أُنصِتَ لِما تَحتَ خُطُواتِ الحَشَرَاتِ
أَنْ أَتَعَلَّمَ الإِصْغاءَ لِارْتِجافِ الحَصَى
أَنْ أُصنعَ مِنْ خَيْباتي أَبْجَدِيَّةً
وأُهَدْهِدَ الخَوفَ
كما تُهَدْهِدُ الأُمُّ طِفْلًا تَجْهَلُ اسمَهُ.
كُنتُ أَرْتَدي الطُّرُقَ
كأنَّها قَصائدُ لَمْ تُكْتَبْ
وأَتَعَلَّمُ منَ الطِّينِ
أَنْ لا أُبالِغَ في الثَّباتِ
فالجُذُورُ لا تَصْرُخُ
لكِنَّها تَنْكَسِرُ في صَمْتٍ نابِض.
وأَنا أُراقِبُ اتِّساعَ الوَرْدَةِ
فَهِمْتُ أَنَّ الجَمالَ ليسَ وَعْدًا
بلْ فَخًّا مُحْكَماً
وأَنَّ الرَّحيقَ
لا يُهْدَى لِمَنْ لا يَعْرِفُ فَوْضى التَّفَتُّحِ.
كُلَّما حاوَلْتُ النِّسْيانَ
عادَتْ إِلَيَّ الهَمَساتُ الَّتي لَمْ تَكْتَمِلْ
تَتَدَلَّى مِنْ حَوافِّ نَوْمي
تُعيدُ تَرْتِيبَ الصُّوَرِ في مِرْآةٍ بلا وَجْه.
وفي آخِرِ السُّؤالِ
حينَ نامَتِ اللُّغَةُ على صَدْرِ الوَقْتِ
هَمَسَ لي ما يُشْبِهُني:
احرِقي خَرائِطَ النَّجاةِ
واصْنَعي من رَمادِها كُحْلًا لِعَيْنَيْكِ.
فقطْ مَنْ تَخْتَنِقُ بِدَمْعَتِها
تُولَدُ من جَديد
بِصَوْتِ أُنْثى تَعْرِفُ
كيفَ تَلِدُ الشَّمْسَ من خاصِرَتِها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى