كتاب وشعراء

د. فيروز الولي تكتب:الوحدة المحمية بالكراهية

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

لماذا يتجه الجنوب إلى حافة الانتحار السياسي… وحده؟
في اليمن، لا تُحمى الدول بالحب، بل بتضاد المصالح.
ولا تعيش الوحدات الوطنية على القناعة، بل على الخوف المتبادل من الخسارة.
والوحدة اليمنية اليوم مثالٌ صارخ: لا أحد يريدها… ولا أحد يستطيع كسرها.
الانتقالي: مشروع دولة بلا خزنة
المجلس الانتقالي الجنوبي يدرك —بواقعية باردة— أن الانسحاب من حضرموت والمهرة ليس انسحابًا عسكريًا، بل انتحار سياسي لمشروع دولة الجنوب العربي.
جنوب بلا حضرموت؟
دولة بلا نفط؟
سيادة بلا ميناء؟
هذا ليس استقلالًا… هذا كيان عاطفي يعيش على الشعارات.
الانتقالي لا يريد الانفصال إلا ومعه خزان الثروة الحضرمي.
بدونه، تصبح الوحدة مربحة، والانفصال خاسرًا، والشهداء مجرد أرقام في خطابات المنصات.
السعودية: لا حرب… بل خنق بطيء
المملكة، من جهتها، لن تكرر خطأ 1967.
لن تسلم حضرموت والمهرة مرة أخرى لمشروع أيديولوجي متسرع، لكنها أيضًا لن تطلق رصاصة واحدة.
السعودية لا تحارب هنا…
السعودية تُرهق:
إدراج الانتقالي وقيادته ضمن قوائم معرقلي السلام
وقف الدعم المالي والمشتقات
عزل سياسي وإعلامي
تركهم يغرقون في عجز الرواتب والخدمات
ثم: “لماذا الناس غاضبة منكم؟”
نفس السيناريو الحوثي…
لكن بلهجة جنوبية وشعارات “التحرير”.
سلاح بلا دولة… دولة بلا خدمات
لا قدرة للمملكة على مواجهة الانتقالي عسكريًا،
ولا رغبة لها في حروب جديدة،
ولا فائدة من قوات “درع الوطن” المخترقة أصلًا.
الرهان ليس على المعركة…
الرهان على الجوع، وانهيار الثقة، واحتكاك المواطن مع السلطة اليومية.
حين لا تُدفع المرتبات،
حين تنطفئ الكهرباء،
حين يصبح العلم الجنوبي بلا خبز تحته…
سيسأل الناس سؤالهم البسيط القاسي:
“قاتلنا من أجل هذا؟”
الحوثي… عناد بلا فرصة
الحوثي يحلم بوحدة يمنية تحت عمامة صعدة.
يحلم… لكنه عاجز.
محور المقاومة هُزم،
إيران مُرهقة،
والحوثي جرب عدن 2015
ودفع الثمن عشرة آلاف قتيل وجريح.
المفارقة؟
العناد نفسه يتكرر الآن…
لكن بوجه آخر.
عسكر بلا أفق: عندما يتحول الشباب إلى وقود
عيدروس الزبيدي يتصرف بعقلية الميدان لا بعقل الدولة.
عناد يشبه الحوثي أكثر مما يختلف عنه.
احتلال سيئون؟
حضرموت بالقوة؟
ثم ماذا؟
هل سيتحول شباب الجنوب إلى نسخة جديدة من شهداء بلا أفق؟
هل ستُستنزف أجيال باسم حلم لم تُحسب كلفته؟
الإمارات: قارب نجاة… بلا التزام
والسؤال الذي لا يُقال علنًا:
هل تعرف أن الداعم الإماراتي سيخليك في وسط البحر؟
الإمارات ليست جمعية خيرية.
هي شريك مصالح.
وحين تصبح الكلفة أعلى من العائد…
سيرفع القارب سلّمه ويغادر.
من يراهن على دعم خارجي دائم،
يشبه من يراهن على مظلة في إعصار.
القوى الشمالية: خارج اللعبة
طارق صالح: يريد صنعاء… لا يهمه شكل الدولة
الإصلاح: يتمسك بالوحدة لأنها آخر ما يملك
الشرعية: غرف فنادق وبيانات
الجميع يتفرج
والجنوب يُستنزف
الخلاصة القاسية
الوحدة اليمنية اليوم محميّة بالكراهية لا بالحب.
كل طرف يمنع الآخر من تحقيق حلمه… لا لأنه يؤمن بالوحدة،
بل لأنه يخاف خسارة نصيبه.
رؤية الخروج من الدمار
1. وقف عسكرة حضرموت فورًا
لأن الدم هناك سيكسر أي مشروعية جنوبية للأبد.
2. تحويل قضية الجنوب إلى مشروع سياسي لا عسكري
الدول تُبنى بالمفاوضات لا بالاندفاع.
3. فصل القضية الجنوبية عن مغامرات الدعم الخارجي
لا دولة تُبنى على شيكات مؤقتة.
4. إعادة تعريف “التحرير”
التحرير هو راتب منتظم، تعليم، كهرباء، دولة قانون…
لا نقطة عسكرية جديدة.
5. إشراك حضرموت والمهرة كشركاء لا كغنائم
من لا يحترم إرادة الناس، لا يحكمهم.
خاتمة لاذعة:
اليمن لا ينقصه الشهداء،
ولا تنقصه الأعلام،
ولا تنقصه الشعارات.
ينقصه فقط…
قادة يعرفون متى يتوقفون عن اللعب بالنار
قبل أن تحرق الجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock