اكتشاف “حوار” سري بين الجنين والرحم يحدد مصير الحمل

كشف بحث علمي حديث أن عملية انغراس الجنين في جدار الرحم، وهي إحدى أخطر مراحل الحمل وأكثرها عرضة للفشل، ليست مجرد ارتباط فيزيائي بسيط، بل هي حوار حيوي معقد بين الجنين والرحم.
وأوضحت الدراسة التي قادها باحثون من الجامعة العبرية، أن هذا “الحوار” الحيوي يتم عبر “رزم بيولوجية” مجهرية (تسمى الحويصلات خارج الخلية)، تفرزها أنسجة الجنين وبطانة الرحم، وتحمل بداخلها تعليمات جينية وجزيئات تغير من استقبالية الرحم.
ووفقا للورقة البحثية التي نشرتها مجلة The Journal of Extracellular Vesicles، فإن التواصل بين الجنين وبطانة الرحم يتم عبر حويصلات مجهرية تنقل رسائل جينية واستقلابية في اتجاهين.
وتبين أن هذه الحويصلات تغير من سلوك الخلايا المستقبلة في غضون ساعة، ما يؤثر على إنتاج الطاقة وتمثيل الدهون وإعداد النسيج الرحمي لاستقبال الجنين.
كما أشارت الدراسة إلى دور مفاجئ للقطيرات الدهنية، التي كانت ترى سابقا كمستودعات خاملة، إذ ظهر أنها تلعب دورا فعالا في نقل الإشارات الاستقلابية وتعديل بيئة الانغراس.
ووجد الفريق أن الهرمونات لا توجه الحوار فحسب، بل تحدد أيضا محتوى “الرسائل” الجزيئية التي يرسلها الرحم. كما اكتشفوا وجود “منظم دقيق” كيميائي داخل الخلايا (يعرف بمستقبل AhR)، وهو شديد الحساسية للمؤثرات البيئية والغذائية.
ويبدو أن هذا المنظم يتحكم في مدى استعداد الرحم لتقبل الجنين، ما قد يقدم تفسيرا علميا لكيفية تأثير عوامل مثل النظام الغذائي والبيئة المحيطة على فرص نجاح الحمل منذ لحظاته الأولى والأكثر حساسية.
ويضع هذا الكشف عملية التمثيل الغذائي في قلب آليات التنسيق بين الأم والجنين، ويفتح آفاقا جديدة لفهم أسباب فشل الانغراس والإجهاض المبكر، محولا نظرتنا إلى هذه المرحلة من مجرد “التصاق” إلى “لقاء نشط” تتحدد فيه مصائر الحمل منذ البداية.
نشرت الدراسة في مجلة The Journal of Extracellular Vesicles، بمشاركة باحثين من معهد وايزمان للعلوم.
المصدر: interesting engineering









