د.فيروزالولي تكتب :”الجمهورية الفاصولية المتحدة.. حيث يتقاسم القادة السلطة ويتقاسم الشعب الأرصفة!”

في اليمن، حيث السماء لحاف، والأرصفة فراش، وكسرة الخبز مشروع شهيد، تفتّقت عبقرية النخب السياسية عن نظام حكم جديد يدرّس في كليات “اللا-حكمة” العالمية: نظام المحاصصة الفاصولية!
فاصوليا لندن.. والضاحية الجنوبية صنعاء
الرئيس رشاد العليمي، والابن المبارك النعماني (لا تسأل عن اللقب، فاللقب ترف شعبي قديم)، يناضلان من أجل الشعب في شوارع لندن الممطرة… طبعًا لا نضال إلا داخل المطاعم العضوية ومتاجر الشاي الأخضر. مشغولون جدًا بتوقيع مذكرات التفاهم مع منظمات حقوق الإنسان، وتوزيع معلبات الفاصوليا على الجالية اليمنية التي نسيت طعم الفول من أيام زمان.
وفي الجهة الأخرى، حيث تمطر السماء شعارات الموت وتزهر الأرض بالألغام، يتمسّك الحوثي بصنعاء كما يتمسك طفل بلعبته الوحيدة. يحكم باسم “الله”، ويجبي الزكاة باسم “الخُمس”، ويصنع الصواريخ في ورشات المعونات الأممية.
طارق المخاوي والزبيدي الجنوبي
طارق صالح، جنرال الساحل الذهبي، يشرف على “جمهورية المخا”، حيث القهوة تُصدر للخارج، والناس تُقصف في الداخل. أما المجلس الانتقالي بقيادة الزبيدي، فحول الجنوب إلى كيان يشبه جمهورية الموز، لكن بدون موز… فقط حزام أمني، وبطالة أمنية، وأزمة كهرباء منذ عهد الديناصورات.
مأرب وتعز.. خذ وخلّي
مأرب بيد الشيخ العرادة، الذي استطاع أن يصنع منها نموذجًا مصغّرًا لدولة “تحت الحصار” لكنها تصدر النفط بصمت. أما تعز، فقد نُحرت على يد “تحالف المصالح الإصلاحية” بزعامة رشاد العليمي. إصلاح هنا لا يعني ترميم، بل تحزيب وتقسيم واستثمار في معاناة المدينة المحاصرة منذ قرون (أو هكذا يبدو).
الشعب؟ آه، ذلك الكائن المنسي
وسط كل هذه التقسيمات الإدارية-العسكرية-العقائدية-العقارية، يقف المواطن اليمني مثل طفل ضائع في سوق سياسي لا يعرف من يبيع ومن يشتري. يصرخ جوعًا، يُقصف ليلًا، يُهجر نهارًا، وتُرسل له مساعدات منتهية الصلاحية في أحسن الأحوال.
وإن نجا من الحرب، لن ينجو من “فخ المعونة”: برنامج غذائي عالمي يعطيه كيلو أرز و4 عدسات، ويكتب تقريرًا طويلًا عن “التأثير الإنساني العميق”.
في الختام… دستور الفاصوليا أولًا
الحل؟ بسيط جدًا! نضع الجميع على طاولة مستديرة، نفتح علبة فاصوليا (من النوع الفاخر طبعًا)، ونتفق على دستور فاصولي جديد:
البند الأول: لكل فصيل الحق في نصف مدينة وكامل تصريح.
البند الثاني: يمنع على المواطن التساؤل عن الكهرباء أو الماء أو السيادة.
البند الثالث: كل ما لذ وطاب للمسؤول، وما تبقى يُوزّع ببطاقات تموينية إلكترونية.
البند الأخير: من يجد حبة أمل في هذا الخراب، يُمنح جنسية دولة موجودة.
—
ملاحظة للنشر:
إذا وصل هذا المقال لأي مسؤول يمني، فليتذكّر: السخرية هنا ليست استهزاء، بل محاولة يائسة للضحك على واقع يُبكي الحجارة.