رؤى ومقالات

محمد فخري جلبي يكتب: كيري الطائر



بسفره الأربعاء إلى البحرين أنضم وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى نادي الضاربين لأرقام قياسية تاريخية مهمة . فبحسبة بسيطة أجرتها “أسوشييتد برس” يكون السيناتور السابق عن ولاية ماساتشوستس قطع منذ توليه منصبه بفبراير 2013 ما يزيد عن 4 أضعاف المسافة بين الأرض والقمر.ولكن السؤال مالذي حناه البشر من تلك الرحلات المكوكية بين عواصم العالم . هنا السؤال يقف مرتبكا حائر الخطى . فلو أن الكيري بتلك الرحلات حاول ردم الشرخ بين أهل الأرض وبقية الكواكب لاأستطاع ذلك على أعتبار أمريكا دائما تملك المفاجأت وأن خرجت ناسا علينا ذات صباح لتخبر سكان العالم بأن سكان كوكب المريخ يعدون العدة لنا لعمت الفوضى دول العالم ولأستجرت أمريكا الشعوب والأموال لتلك الحرب الخرافية . لو أنه بكل رحلة أعطى الجائعين رغيف خبز لأنهى الجوع في العالم . ولكن على العكس فسفره دائما يخلق الخراب ويشيع جو من الكراهية بين الدول .
ولنمر سريعاً على تصريحات  الكيري ومرؤوسه في الشرق الأوسط .ففي شهوره الأخيرة بالبيت الأبيض فجر الرئيس الأميركي باراك أوباما قنبلة عبر تصريحات لمجلة “ذي أتلانتك” أعرب فيها عن أعتقاده بأنه ليس من مصلحة بلاده التقيد بتقديم الدعم التلقائي للسعودية ودول الخليج.ودعا أوباما السعوديين إلى أقتسام الشرق الأوسط مع خصومهم الإيرانيين( وكأن الشرق الاوسط قطعة حلوى أمريكية يتنافس عليها السعوديين والايرانيين ) وأكمل “إن التنافس بين السعوديين والإيرانيين ساعد على تغذية الحروب بالوكالة وإثارة الفوضى في سوريا والعراق واليمن.وقد أثارت أتهامات أوباما للسعودية بخوض حروب بالوكالة في المنطقة وتأجيج الصراع الطائفي غضب الرياض .وهنا أنقلب الأمريكان على دول الخليج مما دعا الصحافة والدبلوماسيين الخليجيين بصد الهجمة الأعلانية وبأخذ ذمام الأمور والرد على أوباما. وهنا يظن المتابع بأن أمريكا باعت دول الخليج بمحلات تيفاني الرئيسي الموجود في الشارع 57 الجادة الخامسة بأبخس الأثمان.ولكن تصريح كيري خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع وزير الخارجية السعودي على هامش أجتماع المنامة بأن السعودية تملك الدور الريادي بالمنطقة وبأنها تمثل اللاعب النظيف الذي سينهي الصراع باليمن وبالعالم العربي  و بأن الأتصالات الوثيقة بين دول الخليج وأمريكا ضرورية في هذه الظروف وبأن ايران مزعزعة للأستقرار في المنطقة . هنا نشاهد الدوران اللولبي للكيري وحركاته الجمبازية  في الأراء وأختفاء الأنتقادات للسعودية التي هي تشكل رأس الخليج . ويبدأ الهجوم المضاد بأتجاه ايران حيث
قال كيري أن بلاده لاتثق بكل مايقوله الايرانيون وتتأكد من كل الوعود الايرانية التي تخص المنطقة كما لم ينفي كيري أن ايران تتدخل بشكل سلبي في دول الخليج العربي ولها دور سلبي في اليمن و سوريا والعراق. هنا عزيزي القارىء تلمح بعين البساطة كم هو الكيري مخادع وكيف يرقص على ألاف الحبال ويدلي بتصريحات معاكسة خلال بضع ساعات . ولكن العرب يصدقون والعالم يصدق كل مايقوله الكيري . فهو حمامة السلام التي أتعبت أذرع السماء من عناء حمل أجنحتها .فكيف للكيري بأن ينتقد السعودية لصالح ايران ويعود لينتقد ايران لصالح السعودية خلال أيام معدودة وتظل الصحافة العربية تلهث خلف خطاباته وتلقي عليها صبغة النبؤءة والصدق المطلق.
الولايات المتحدة تقبع خلف المحيط، وتحاول أن تدير العالم. تستخدم كل الأوراق الممكنة للضغط على هذا الحليف أو ذاك، ولتأديب هذا الخصم، ولتهذيب هذا المتمرد، ولمواجهة هذا العدو. ليس لديها مانع من التواطؤ مع هذه المنظمة أو تلك حتى وأن كان حلفاؤها يعانون من نشاطاتها المتطرفة أو الإرهابية. فأهم شيء أن لا تتضرر الولايات المتحدة من ذلك بشكل مباشر.
القاسم المشترك في تصريحات الكيري هي العراق وسوريا واليمن . فتارة يلقي اللوم على الخليج وتارة أخرى يحمل ايران سبب الخراب في تلك الدول.ولايخفى على الطفل ذي العشر سنوات كم هو الكيري ممثل فاشل وتلك الحقيبة الكبيرة التي يحملها أنما هي لكي يبقى متوازن في خطاباته , فلكل دولة خطابها الجاهز ضد الدولة الأخرى . وكم هم المحللون والصحفيون العرب مشاهدون أغبياء لكي يتناسو تصريحاته السابقة ويلقون الضوء على الجديد فقط . لو أن هناك صحفي يحترم قلمه ويستمع لصوت ضميره لحشر كيري في زواية مظلمة بسؤال بسيط عن التناقضات بخاطباته وعن الأرتباك الذي يعتري المشاهد المتابع للكيري…

ولكن تنادي في الغار ولايجيبك سوى الصدى
الكيري أن حدث فصدق بلا عجبا
ولاتسأل الريح عن تقلباتها
فلولا تقلب الريح لما أبحرت السفنا
جاب الأرضَ بلا تعبٍ ولاكللٍ
تارة يهاجم سلمان وتارة يهاجم الفرسا
وعين الصحافة ويحك كم أنت مرائيةٌ
مها عليت فلاتبصرين سوى النعلا

ملاحظة ( أتمنى من السفارة الأمريكية بأن تأخذ بعين الأعتبار حرية الرأي والتعبير  وذلك بحسب المادة 19 من الأعلان العالمي لحقوق الانسان ,وأن لاتقيم دعوى ضدي كاسفارة أسرائيل.فأنا لست ضد الشعوب ولكن ضد بعض الجكومات).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى