رؤى ومقالات

جمال غيطاس يكتب …..تجليات ” السكاى تيم ” فى واقعة الدرب الاحمر

حادثة مقتل سائق التوك توك فى الدرب الاحمر هى احدى تجليات “التحالف السماوى” أو “السكاى تيم” الذى يحكم ويتحكم فى مصر الآن، والمكون من شرائح تضم كبارا بالأمن والجيش والقضاء والجهاز البيروقراطى وقطاع الاعمال والإعلام، وامتدادات أقل فى الأهمية والدرجة بالمستويات الوسطى والدنيا بهذه المؤسسات، والذى ينم سلوك الكثير من أعضائه عن أنهم باتوا يعتبرون الشعب زوائد دودية، لا يأتى من ورائها سوى التنغيص ولابد من بترها عند أول إحساس بالضيق والألم.

فى فيلم فبراير الاسود عبر الفنان الراحل خالد صالح عن ظاهرة “السكاى تيم” بوصف آخر، هو “الفئات الآمنة”، التى تفعل بلا محاسبة، وتحصل على ما تريد ممن تريد بلا جهد دون التقيد بالحق، والمحصنة دوما ضد الخطر والعوز والإهانة، وحدد هؤلاء بمن يمتلكون القوة ” اجهزة الامن والجيش والداخلية”، ومن يملكون السلطة ” القضاء وجهات إنفاذ القانون” ومن يملكون المال ” رجال الأعمال الكبار”.

ضع أمامك الحوادث التالية، وتأمل تجليات وسلوكيات “السكاى تيم”، فربما يوضح ذلك الطبيعة النفسية والسلوكية التى يعيشها الكثير من أعضاء هذا “التيم” الآن”:
ـ قدم أحدهم داست على رأس طبيب بمستشفى بالمطرية، وأعضاء آخرون بسلطانهم ميعوا القضية وحاولوا تلفيق التهم للضحايا.
ـ يد أحدهم تحرشت بسيدة فى محطة مترو لرغبة حيوانية فى نفس صاحبها، وأعضاء آخرون بسلطانهم طرمخوا وبعثوا بالجانى للشارع هانئا آمنا فى اليوم التالى.
ـ يد أحدهم تصفع سيدة لاعتراضها على وجود رجل بعربة سيدات المترو ، وأعضاء آخرون بسلطانهم ونفوذهم طنشوا فى المحاسبة أو لم يحاسبوا آصلا.
ـ أصابع أحدهم تضغط على الزناد لتقتل سائق توك توك، وأعضاء آخرون يبررون ويلونون الواقعة تأكيدا لحيوية وقوة ومتانة مظلة وأمن “التيم”
ـ ما لا نعرف عدده منهم من ذوى النفوس الشبقة للسلطة، والمهووسة بصيانة الفساد، المنفوخة بالاستعلاء والفاشية والاستبداد والكبر، وهلاوس احتكار الوطن والحكمة والخبرة، وهؤلاء يعتبرون الدولة وحدة ملحقة وفناءا خلفيا للقوة التى يملكونها، سواء كانت قوة السلطة أو قوة المال أو قوة الفساد، ويجب على الدولة أو هذه الوحدة الملحقة، أن تكون سهلا منبسطا طيعا فائق الخضرة، يحتوونه بأبصارهم بلا عائق، ويمرحون فيه بمصالحهم وأهوائهم بلا ضابط.
أما السلطة التى أتتهم فيرونها حق مكتسب، استخلصوه عنوة من عيون واحشاء خصومهم، وليس منحة وتكليف من الشعب، لذلك يستميتون فى أن يحلقوا بها فى السماء وحدهم.

يقدم اعضاء “السكاى تيم” أنفسهم على أنهم هم فقط الوطنيون البناءون المخلصون، المالكون للنظرة الثاقبة والنية الصافية والحقيقة المطلقة، والعصمة من الخطأ، والعلو والسمو والارتفاع عن ما عداهم من بنى وطنهم، ويفعلون كل شىء وأى شىء وهم مقتنعون أنه فعلُ وطنيُ خالصُ مقدسُ نزيهُ بريُْ لا تشوبه شائبة، ويقتنعون بذلك وهم يضربون ويعسفون وينزعون عن الآخرين كرامتهم وحقوقهم.

قبل أن تقرأ الفاتحة على روح قتيل الدرب الاحمر، اعلم أن “السكاى تيم فى مصر يحلق كما يريد وقتما يريد فاعلا ما يريد، لا يطول رداءه رذاذ ما يجرى من ضنك يكابده ملايين الغلابة على الأرض، ولا يقطع هدوءه أو يؤذى آذانه، صرخات وعذابات من يمنع عنهم الشمس ويسد عنهم الهواء، وتتساقط عليهم فضلاته، وتقطع اوصالهم دوامات اجنحته، حينما يرفرف بها فى الهواء تريضا أو سعادة أو زهوا.

لكن مهلا لا تيأس.. فالتحالف السماوى المحلق فى الفضاء غير عابىء بمن يعتصرهم الفقر والجهل والمرض، ومن يقبضون على أحلامهم فى مستقبل تسوده العدالة والإخاء والمساواة والمحبة والسلام والرفاه للجميع، لا يعرف أن كل شعاع ضوء يمتصه ويمنع وصوله لمن تحته، وكل حرارة شمس يستخلصها لنفسه تاركا السقيع لغيره، وكل نسمه هواء يشفطها بغدر وأنانية، كل ذلك يضخم حجمه ويثقل حركته ويبطىء سرعته ويقلل قدرته فى المناورة ويخصم من فرصته فى الإفلات من غضب المعذبين تحته، حتى يصبح سهل الاصطياد، أو يقع على الارض من تلقاء نفسه، مفتت الاوصال، خائب الرجاء، منقادا مهانا إلى عدالة السماء، التى ظل يحلق فيها، ضاربا عرض الحائط بسننها الكونية، وقيمها الدنيوية والاخروية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى