تقارير وتحقيقات

بعد 25يناير ..: واشنطن تضع محاور للتعامل مع خيرت الشاطر كرئيس محتمل لمصر: حمادة إمام يكتب :كل رجال الجماعة1/5

بعد الثورة مباشرة، أدرك «الإخوان» مبكرًا أن كلمة الحسم ستكون من واشنطن. فعمليًا، يستحيل أن يقوم نظام مستقر فى مصر من دون مباركة أمريكية، لما للولايات المتحدة من مصالح داخل مصر، فعملت «الجماعة» بسرعة، وتحديدًا قبل إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى العام 2012، على تكوين «لوبى» قوى داخل العاصمة واشنطن هدفه الأساسى الدفاع عن مصالح «الإخوان».

وكان المسئول عن تكوين هذا الـ«لوبى» هو «الحداد»، وساعده فى ذلك الدور الذى لعبه فى حل أزمة المنظمات الأمريكية العاملة فى مجال حقوق الإنسان فى مصر، والتى تفجرت عقب الثورة مباشرة. فـ«الحداد»، وفق مصادر أمريكية، أدى دورًا مهمًا فى الإفراج عن الموظفين الأمريكيين العاملين فى تلك المنظمات، الذين قبض عليهم فى مصر، وهو ما جعل منه صديقًا مقربًا لمساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشئون الديمقراطية وحقوق الإنسان مايكل بوسنر.

مايو 2012 وصل للقاهرة وفد أمريكى يمثل مجموعة دعم الديمقراطية البرلمانية والمؤسسات الديمقراطية فى الكونجرس برئاسة النائب ديفيد دراير، وضم السيناتور الديمقراطى جيرالد كونولى، والسيناتور الديمقراطى دافيد برايز، والسيناتور الجمهورى جيم ماكدرموت، والسيناتور الجمهورى إيرك بلسون.

الوفد التقى مع خيرت الشاطر مرشح جماعة الإخوان فى ذلك الوقت لانتخابات الرئاسة بحضور الدكتور عصام الحداد مسئول العلاقات الخارجية وممثلين من وحدة العلاقات الخارجية والدكتور حسين القزاز، مستشار مشروع النهضة بجماعة الإخوان. السبب الظاهر للزيارة والذى جاء على لسان رئيس الوفد هو أنهم جاءوا ليقدموا خبراتهم فى عملية التحول الديمقراطى، وتعزيز التعاون بين الشعبين الأمريكى والمصرى خاصة فى تلك المرحلة.

أما السبب الباطن فكان وضع مجموعة من الإملاءات والحصول على ضمانات، وهو ما ظهر بعد ذلك سواء فى الاجتماعات الثنائية أو التصريحات الصحفية، ففى لقاء المائدة المستديرة مع عدد محدود من الصحفيين المصريين عقب مباحثات وفد الكونجرس وصف دراير الاجتماع مع الشاطر بأنه كان مهما، وأن جماعة الإخوان المسلمين ومرشحها المحتمل فى انتخابات الرئاسة المقبلة المهندس خيرت الشاطر أكدوا على احترام معاهدة السلام مع إسرائيل، والتزامه بحقوق الإنسان وسيادة القانون، مؤكدا أن الولايات المتحدة لا تشترك فى اختيار الشعب المصرى لرئيسه القادم أو مرشحيه للرئاسة.

وقال عضو الكونجرس البارز، خلال لقاء نظمته السفارة الأمريكية بالقاهرة بأحد فنادق القاهرة، إن الشاطر والجماعة أكدوا على حرصهم على استقرار السلام مع إسرائيل.

وأضاف السيناتور الأمريكى أن الشاطر شدد أيضًا على ضرورة إنهاء النزاع الفلسطينى الإسرائيلى على أساس حل الدولتين.

ونوه بأنه تحدث مع الشاطر حول حقوق المرأة والأقليات، والاختلافات الحاصلة بين القوى السياسية بشأن الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، مشيرًا إلى تفاؤله بمستقبل مصر ودول الربيع العربى.

وتحدث وفد النواب الأمريكى عن الدستور الجديد لمصر وضرورة أن يضمن حقوق الأقليات والمرأة.

وأوضح الوفد أن مصر أمامها تحديات اقتصادية وسياسية كبيرة، وأن الولايات المتحدة تساهم بمساعداتها فى تخطى تلك التحديات وتحث أيضًا دول أخرى على تقديم الدعم لمصر.

وقال وفد الكونجرس الأمريكى إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة شدد على تسليم الحكم لسلطة مدنية منتخبة فى موعدها المحدد فى 30 يونيو 2012.

وأكد دراير أن على الشعب المصرى أن يقرر نوع الديمقراطية التى يريدها، لافتًا إلى أن هناك أشياء ستتغير يوم 23 مايو 2012 مع بداية الانتخابات وهناك دعوات لاستكمال الدستور ولكن هناك أسئلة كثيرة ما زالت موجودة.

وأشار إلى أن الوفد الأمريكى يشعر بارتياح وسعادة للقاءاته فى مصر ومن بينها لقاءات بمرشحى الرئاسة للاشتراك فى الحوار، وأعضاء بمجلس الشورى، وقال ”إن الربيع العربى تجربة مثيرة وجديدة”.

وأضاف أن الوفد جاء لمصر من طرابلس حيث تأتى الزيارة لمصر فى مرحلة حاسمة مهمة بخصوص الانتخابات المقبلة. وقال إنه زار مصر منذ عام حيث تحدث مع المسئولين عن تعزيز العلاقات بين البلدين وهو أمر مهم وناقشنا التحديات التى تواجه منطقة التجارة الحرة بين الجانبين.

…………..

سفير مصر السابق فى واشنطن نبيل فهمى قال إنه «منذ 38 عامًا لم يدخل أى وزير خارجية مصرى منفردًا إلى البيت الأبيض لمقابلة رئيس أمريكى، وكان آخر من فعل ذلك هو الوزير إسماعيل فهمى فى زمن السادات»، مضيفًا: «كنا نحاول أن نرتب زيارات لوزراء خارجية مصريين على التوالى لمقابلة الرؤساء الأمريكيين، لكننا لم نتمكن من ذلك».

وصف «فهمى» حينها زيارة قام بها القيادى «الإخوانى» البارز مساعد الرئيس للشئون الخارجية عصام الحداد، إلى الرئيس باراك أوباما فى البيت الأبيض، فى شهر ديسمبر من العام 2012 بأنها «حدث لافت، له بالتأكيد دلالات معينة».

كلام «فهمى» له دلالات واضحة، أهمها أن ثمة علاقة قوية للغاية نشأت فى فترة وجيزة بين الأمريكيين و«إخوان مصر». فالعلاقات المصرية- الأمريكية، بالرغم من قوتها فى عهد الرئيس المصرى السابق حسنى مبارك، لم تمكن أى وزير خارجية مصرى من دخول البيت الأبيض إلا فى حضرة رئيس الجمهورية بنفسه. إلا أن العلاقات المميزة بين نظام «الإخوان المسلمين»، الحاكم وقتها، والإدارة الأمريكية، مكّنت عصام الحداد من النجاح فى ما فشل فيه وزراء خارجية مصر على مدار الأعوام الـ38 الماضية

…………

لمع نجم الحداد كمسئول للاتصال بين «النظام الإخوانى» الوليد وواشنطن، وأحد محركى «اللوبى» الجديد

، المعروف فى الصحافة الأمريكية وداخل أروقة وزارة الخارجية الأمريكية باسم «اللوبى الإسلامى»، وضع على عاتقه منذ اللحظة الأولى الدفاع عن نظام «الإخوان»، والتسويق لهم على أنهم الإسلاميون المعتدلون القادرون على الدفاع عن المصالح الأمريكية فى المنطقة.

ولم تكن وظيفة ذلك «اللوبى» الدفاع عن النظام الجديد فى مصر فقط، وإنما أيضًا الدفاع عن نظام «الإخوان» فى بلدان «الربيع العربى» التى وصلوا فيها إلى الحكم (تونس وليبيا).

…………….

فى عام 2006، بدأت الروابط تتبلور وتتشكل بين الطرفين، وبلغ مجموع اللقاءات المعروفة 83 لقاءً موثقًا ومعلنًا من قبل «الجماعة» والإدارة الأمريكية. لكن الشىء المقلق والمحير هو حالة الغموض التى أحاطت بتلك العلاقة وهذه اللقاءات.

يروى رئيس التحرير السابق لموقع «إخوان أونلاين»، الموقع الرسمى لجماعة «الإخوان المسلمين»، عبدالجليل الشرنوبى، تفاصيل علاقة «الإخوان» قبل الثورة بالحكومة الأمريكية، وهى الفترة التى تولى فيها رئاسة تحرير الموقع، حيث يؤكد أن تلك الاتصالات بين «الجماعة» والحكومة الأمريكية كانت تتم تحت رعاية جمعية أمريكية تسمى «ماس»، وهى منظمة تعمل كغطاء لتنظيم «الإخوان» الدولى فى الولايات المتحدة.

ويؤكد أن الاتصالات واللقاءات بينهم كانت تتم أيضًا تحت غطاء مراكز بحثية وصحافيين أجانب، حيث كان الإخوان يخشون لقاء شخصيات رسمية خوفًا من بطش مبارك ونظامه.

…………..

الخوف من نظام مبارك دفع «إخوان مصر» إلى التعويل على التنظيم الدولى، وخصوصًا مكتب لندن، فى إجراء الاتصالات مع الأمريكيين.. وهنا يبرز دور نائب مرشد الإخوان ورجل الجماعة القوى خيرت الشاطر، الذى كان يتحكم فى تلك الاتصالات ويسيطر أيضًا على مكتب لندن، بحسب الشرنوبى. ويدلل الشرنوبى على روايته، بأن الشاطر كان ينزعج كثيرًا من حديث عبدالمنعم أبوالفتوح، القيادى الإخوانى السابق، لوسائل الإعلام الأجنبية. وحدث مرة أن ذهب أحد شباب «الإخوان» إلى الشاطر فى السجن، وقال له إن هناك وفدًا إعلاميًا أمريكيًا فى مصر، وإنه سيقابل أبوالفتوح، فرفض الشاطر وغضب وقال للشاب «لا تدعهم يقابلون أبوالفتوح، فليرسلوا لى أسئلتهم مكتوبة فى السجن، وأنا سأجيب عنها».

……………….

عضو الكونجرس الأمريكى فرانك وولف فجر عقب انتهاء مراسم تنصيب محمد مرسى رئيسًا منتخبًا لمصر قنبلة من العيار الثقيل حيث تقدم بمذكرة قانونية للكونجرس الأمريكى يطالب فيها بالتحقيق مع الرئيس الأمريكى باراك أوباما ووزيرة الخارجية هيلارى كلنتون فى المستندات المنسوبة إليهما من جهات أمنية أمريكية تفيد دعمهما لجماعة الإخوان المسلمين

…………..

وضعت واشنطن محاور للتعامل مع خيرت الشاطر كرئيس محتمل لمصر لا تختلف كثيرًا عن تعاطيها مع الإخوان المسلمين بعد فوز حزب الحرية والعدالة بأغلبية مقاعد مجلس الشعب. وترتكز تلك السياسة على عدة محاور أبرزها أن تعبر إدارة الرئيس أوباما صراحة عن مخاوفها بشأن وضع الأقليات الدينية تحت حكم إسلامى خاصة الأقباط وتحذير الجماعة من تجريم معارضة العامة بتطبيق الشريعة. أما المحور الثانى فيتعلق بالحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل وأن تحذر واشنطن الجماعة وخيرت الشاطر من أن أى استفتاء شعبى على المعاهدة سيتم تفسيره على أنه محاولة لنسف المعاهدة. ويرى إيريك تراجر، الباحث بمركز واشنطن للدراسات وأستاذ العلوم السياسية فى جامعة بنسلفانيا، أن على الإدارة الأمريكية توقع تأثير ضعيف على الحكومة المصرية المقبلة وبالتالى سيكون على إدارة أوباما البحث عن إطار متعدد الأطراف لتشجيع مصر بقيادة الإخوان المسلمين على الحفاظ على السلام مع إسرائيل واحترام حقوق الأقليات ومكافحة الإرهاب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى