كتاب وشعراء

الشاعر اليمني، إبراهيم الحمزي، يكتب: زمرة الأموت”

في وطني
سحابةٌ تعوي
ودخانٌ يصرخ
وبخارٌ يتوجع
بحار حزينة
وأرض باكية
ودموع دموية
أحلام محبوسةٌ في زنازين الطفولة
أُمنيات مشنقوة.
الأشجار في وطني متعبة
الأقلام نائمة لا يوقظها صوت الإنسان
السجائر بائسة
يصعد منها دخان يشبه الأرواح البيضاء
الحيوانات والنباتات والحشرات والجمادات خالية من الحياة
الطبيعة تشكو للبنادق أصواتها المرعبة
الطائرات تلاحق العصافير الصفراء لأنها تشبه الشرائح الإرهابية
الأطفال يمرحون مع الموت حول أبواب المقابر.

حيث القيح والدماء المتخثرة
حيث الأقمار الحزينة
والشمس المظلمة
والأنهار غير القادرة على الجريان
والغيوم المسمومة
والجبال الذليلة المتعبة من فرط الانحناء
والزغاريد المحبوسة خلف دموع السُحب الجافة
والفرح المكسي بذعر الخوف
واللذة المحشوة بالأنين
حيث المتعة المغتصبة من قبل الفضيلة الزائفة
حيث كل هذا تقبع هناك بلادي

أيتها الساعة
وأيها الحائط الجبان
اترك هذه اللعينة لتسقط إلى حفرة النسيان
لم نعد نطيق الوقت في هذه البلاد لأننا في زمرة الأموات من قبل الولادة.

أيها الفأس المشرد من هذه الأرض
لا تتعب نفسك فالأرض لم تكن إلا مقبرة جماعية مكتوب على حائطها المحطم “هذه أرض الممات، هذه أرض الشهادة والرحيل”

أيتها الحياة المغموسة بنشوة الانتكاسات
المعجونة بالأوهام
والملطخة بالاتهامات الماكره
هكذا علمونا الأولون بأنكِ تشبهين إبليس ولوسفير وانتيخرستوس والشيطان وأنكِ وحْل القذارة والبشاعة والمياعة والدناءة والدعارة والخضوع.
لكنكِ بريئة كبوذا
وصريحة كنيتشه
وعنيدة مثل أتاتورك
وهم يخشونكِ يا جميلة.

أيتها النفس التي لم تعد مطمئنة
ولن تعود إلى ربها راضية مرضية
كفي عن الزيف والخداع
كفي عن النفاق والتملص والكذب
كفي عن التقرب من أبواب الشياطين الدخيلة

أيها الليل الذي يلتهم أحلام الضعفاء والفقراء
يبتلع أنفاس المشردين والعرايا
يأكل أحشاء الجياع.
لماذا أنت حزين كالأمهات؟
البائس كالأموات؟
الظالم كالحكام؟
الكافر مثلي بهذا الوطن الملعون؟
لماذا تتبول على رؤوس الأيتام؟
وتبصق في وجوه العجائز؟
وترمي بقمامة ظلامك أمام بيوت التعساء وداخل الأكواخ التي يسكنها التائهون!
لماذا تزرع خنجرك في بطون الضائعين؟
وتضاجع السكينة لتتحول ليلتنا إلى فجيعة فرعون أثناء غرقه
انظر إلى الناحية الأخرى
حيث تتكدس حقوقنا المنهوبة تحت مبرر الشريعة
انظر إلى تلك البحيرة أسفل الجبل الذي يطرد زهور أشجاره
إنها بحيرة من عرق الشعب الذي تطوقه الأغلال.

أيها الصباح المشوه كخريطة البلاد
كملامح الشوارع
الحائر كشباب الأرصفة
الضائع كالجمال في الوطن المغضوب عليه
ارحل مع هذا القرص اللعين الذي يذكرنا بنور الحرية
ابتلعه كما نبتلع الغصة والتناهيد الحزينة
ارمِ به إلى الوراء
إلى حيث بداية المتاهة ولعبة الفناء
لا نريد أن تستيقظ أيها الصباح المخضب بالدم
هكذا نحن منذ لحظاتنا الأولى نغفو في نومٍ عميق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى