رؤى ومقالات

من عطل كاميرات المراقبة في توقيت تحطيمها؟ ومن استولى على محتوياتها؟!: د. أيمن منصور ندا يكتب :أسئلة مشروعة حول قضية تحطيم المكتبة التراثية لجامعة القاهرة

يوم 21 أغسطس الماضي، نشرنا مقالاً عنوانه “فضيحة تحت القبة: عندما يكون رئيس الجامعة نجار مسلح!” عرضنا فيه لواقعة قيام رئيس الجامعة السيد/ محمد عثمان الخشت بإصدار أوامره بتحطيم خزانة المكتبة التراثية لجامعة القاهرة (خزانة الملك فؤاد) في غياب اللجنة المشكلة لذلك، وبغير الطريق القانوني المحدد لهذه العملية، وبواسطة ثلاثة عمال معهم بعض أدوات التحطيم (أجنة، شاكوش، مفكات، مرزبة…).. عرضنا القصة من منظور التعامل البدائي والعشوائي مع أثر، ومع رمز، ومع قيمة .. عرضناه دليلاً على همجية القرار، وبربرية الأسلوب.. كيف لرجل يدعو إلى التجديد أن تكون وسيلته التبديد؟ كيف لرجل يدعي الثقافة أن يحطم شاهداً من شواهدها؟ كيف يعرِّض هذا الأثر وما يحتويه من أثار للخطر؟
بعد نشر هذا الفيديو، وصلتني مستندات غيرت وجهة نظري، وأثارت عدداً كبيراً من التساؤلات حول طبيعة عملية التحطيم وحول النتائج المترتبة عليها.. تساؤلات تقود إلى اتهامات مباشرة، وشكوك تتحول إلى يقين.. ودعونا نعرض لبعض الأحداث ذات الدلالة في هذا السياق وفق ترتيب حدوثها:
أولاً: بتاريخ 3/ 10/ 2018، قدمت الأستاذة الدكتورة/ المشرف العام على المكتبة المركزية مذكرة توضيحية للسيد محمد عثمان الخشت تفيد بعثورها على مخطوطات أثرية وعملات نادرة في كراتين القمامة بجوار مكتبها، طالبة التحقيق في هذا الموضوع وإجراء التحريات اللازمة حول أسباب وضع هذه المخطوطات النادرة في الصناديق المعدة للتخلص منها.. وكان رد السيد/ عثمان الخشت هو عدم الرد على المذكرة وحفظها!! (مرفق صور للمخطوطات ، ومنها بعض المخطوطات الزجاجية النادرة!).
ثانياً: بتاريخ 8/ 10/ 2018، قدمت الأستاذة الدكتورة/ المشرف العام على المكتبة المركزية مذكرة إلى السيد الدكتور/ أمين عام الجامعة، تفيد بتعطل نظام العمل بكاميرات المراقبة الموجود في المكتبة التراثية، وأهمية الإسراع في إصلاحها “نظراً لأهمية كاميرات المراقبة داخل المكتبة التراثية”!
ثالثاً: بتاريخ 16/ 10/ 2018، أرسل مسئول الأمن بالمكتبة التراثية مذكرة للسيد مدير أمن جامعة القاهرة تمت الإشارة فيها إلى أنه “بالتنسيق مع وحدة الأمن بداخل المكتبة (التراثية) تم إخطارنا بأن الكاميرات لا تعمل على الإطلاق، وهذا ما يسبب عدم الانتظام في التصوير والمراقبة، والذي يؤثر سلباً على عملية الرقابة لأعمال اللجان.. والأمر معروض على سيادتكم لاتخاذ ما ترونه مناسباً في هذا الشأن”..
رابعاً: بتاريخ 22/ 10/ 2018، تمت عملية تحطيم الخزانة التراثية لجامعة القاهرة في غير وجود الكاميرات وتعطلها، وفي غياب أعضاء اللجنة المكلفة بذلك، وبغير استخدام مفاتيح الخزانة!!
خامساً: تثير هذه الأحداث المتلاحقة بعض التساؤلات تحتاج إلى إجابات حاسمة وتوضيحات قاطعة.. منها:
1) هل تم تعطيل الكاميرات بفعل فاعل؟ أم تم ذلك بالمصادفة؟ لماذا في هذا التوقيت بالذات؟
2) لماذا أصر رئيس الجامعة السيد/ عثمان الخشت على فتح وتحطيم الخزانة بهذه الطريقة وفي هذا التوقيت وهو يعلم جيداً أن كاميرات المراقبة لا تعمل، وأن هناك شبهات تحيط بعملية الفتح في هذا التوقيت؟
3) ما طبيعة (الأشياء) التي يريدها السيد/ الخشت من المكتبة التراثية؟ هل من ضمنها أصول حجج أوقاف الجامعة، وعقود الأراضي الخاصة بجامعة القاهرة والتي ضاع جزء منها بعد هذه العملية؟!! (هل تتذكرون مقالي بتاريخ 31 أغسطس 2021: مستندات ووثائق جامعة القاهرة مع بائع بطاطا)؟!!
4) هل كانت عملية تحطيم الخزانة التراثية للملك فؤاد (22 / 10/ 2018) تغطية لجريمة أكبر تتمثل في ضياع مخطوطات ومقتنيات أثرية غالية من المكتبة التراثية؟ وهل لذلك علاقة بالمقتنيات التي تم العثور عليها في صناديق القمامة (3/ 10/ 2018)؟!!!
5) هل هناك مصلحة لبعض الأفراد في ضياع هذه المقتنيات أو تضييعها خاصة وأنها تساوي مئات الملايين من الجنيهات حالياً؟ هل حدثت سرقة لمحتويات المكتبة لصالح البعض؟ من المسئول عن ذلك؟؟؟
الطريق إلى تحطيم المكتبة التراثية!!
لكي نعرف أهمية المكتبة التراثية، لابد من الإشارة إلى قرار رئيس الجامعة رقم (1648) بتاريخ 5/ 12/ 2017، بتشكيل لجنة جرد المكتبة التراثية.. وذلك بإشراف الأستاذ الدكتور زاهي حواس، ورئاسة الأستاذ الدكتور هشام عزمي (أمين المجلس الأعلى للثقافة حالياً)، وعضوية كل من الأساتذة الدكاترة هبة نوح، محمد سامي عبد الصادق، وأسامة القلش، وأسامة السيد محمود وإنصاف عمر، ومحمد فتحي عبد الهادي.. الجدير بالتسجيل هنا أن اللجنة لم تجتمع حتى تاريخ تحطيم الخزانة (22/ 10/ 2018) وليس هناك أي محضر لأي اجتماع لها .. كما أنها لجنة غير قائمة قانوناً وواقعياً، بسبب عدم حضور الدكتور زاهي حواس لجامعة القاهرة طوال فترة عمل اللجنة، وانتداب رئيسها (الدكتور هشام عزمي) إلى دار الكتب والوثائق القومية (إبريل 2018)، ثم انتدابه إلى المجلس الأعلى للثقافة كأمين له (مايو 2019) ..واعتذار الدكتور محمد فتحي عبد الهادي عن عدم الاستمرار في اللجنة..
ورغم عدم قانونية إجراء الفتح والتحطيم، فقد تمت عملية التحطيم في غياب كل أعضاء اللجنة!!!! وهو أمر مستغرب حتى بالنسبة لفتح خزانة موظف درجة عاشرة، إذ لابد من وجود لجنة قانونية لذلك.. غير أن المهم هو ما حدث بعد ذلك، إذ وقع الأساتذة الدكاترة هبة نوح، ومحمد سامي عبد الصادق، وأسامة القلش، على محضر الجرد رغم عدم حضورهم لعملية الجرد!!!
بعد إنتهاء عملية الجرد مباشرة، تمت مكافأة الأعضاء الذين وقعوا على محضر الجرد بدون حضور عملية الجرد.. الدكتورة هبة نوح (عميدة كلية الآثار السابقة والتي كانت على وشك التقاعد أثناء عملية الجرد) تم تعيينها قائماً بأعمال نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب لعدة أشهر قبل صدور قرار تعيينها نائباً لرئيس للجامعة لعدة أشهر أيضاً (المدة القانونية هي أربعة سنوات!!).. الدكتور محمد سامي عبد الصادق (الأستاذ بكلية الحقوق) تم تعيينه قائماً بعمل نائب لرئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع والبيئة (أكتوبر 2018!!!)، ثم نائباً لرئيس الجامعة (2020)… الدكتور أسامة القلش تم تعيينه مديراً للمكتبة المركزية فور عملية الجرد (12/ 11/ 2018)!!
ما سر هذه اللجنة المحظوظة؟ نوع المكافأة والترضية تتوقف على نوع العملية! ليس مصادفة أن تتم ترقية الأعضاء الذين وافقوا على التوقيع على محضر الجرد بدون حضور! ليس مصادفة أن تتم ترقيتهم في غضون أيام من عملية الجرد؟ المؤكد أنهم وقعوا على بياض.. على ماذا وقع هؤلاء الأساتذة الفاضل؟ وما طبيعة المكاسب والمغانم التي حصل عليها السيد/ عثمان الخشت في مقابل ترقية هؤلاء ومنحهم هذه الترقيات الاستثنائية؟! هل ما حدث يمكن اعتباره صدفة؟ لا أصدق ذلك!!
بعد عملية الجرد الوهمية، في ظل وجود اللجنة غير القانونية ، لم تجتمع اللجنة على الإطلاق.. بمعنى أن اللجنة لم تجتمع قبل عملية تحطيم الخزانة، ولم تجتمع أثناء عملية التحطيم، ولم تجتمع بعد عملية التحطيم، وحتى 31 مايو 2021،حيث أصدر رئيس الجامعة القرار رقم (276) لسنة 2021، بإعادة “تشكيل لجنة جرد وتسجيل مقتنيات المكتبة التراثية والأملاك وكافة مقتنيات الجامعة الأثرية والتاريخية” بإِشراف الأستاذ الدكتور محمد سامي عبد الصادق (صدفة مرة ثانية) وبرئاسة الدكتور أحمد رجب (عميد كلية الآثار)، وبعضوية السادة الأساتذة رجب طاجن (المستشار القانوني لرئيس الجامعة)، وأسامة القلش (مصادفة بردو)، وإنصاف عمر (يا لجمال الصدف).. كما تم استبعاد السيد / إبراهيم السيد حنيفة المحامي بالإدارة المركزية للشئون القانونية بعد اكتشافه حدوث عمليات سرقة وإتلاف متعمدة، وكتابته تقريراً بذلك.. ترتب عليه معاقبته والتنكيل به!!!
أيها السيدات والسادة.. أفتونا في عدة لجان جرد لا تجتمع على الإطلاق، ويتم ترقية من قام بالتوقيع منهم على بياض ترقيات استثنائية لا يحلمون بها، وبعد عمليات الجرد مباشرة.. ويتم التخلص من كل المعارضين لعملية الجرد، والتنكيل بهم، ثم يعاد تشكيل لجنة الجرد مرة أخرى بنفس أعضائها الذين وقعوا على محضر الجرد السابق بدون حضور، ويتم تسجيل المتبقي من الآثار والمقتنيات بعد فقدان وضياع العديد منها بشكل متعمد أو غير متعمد.. ماذا تسمون هذه الأفعال بالله عليكم .. وماذا تقول لو كنت مكاني؟!
أين تقيم السيدة (إنشراح)؟ لعلها بخير!!!
غدا إن شاء الله حلقة جديدة من حلقات كشف الفساد في جامعة القاهرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى