رؤى ومقالات

لمن يجرؤ فقط..بقلم/د.غادة ناجي طنطاوي ??

لقاءٌ نادر، جمع عملاق الشعر الراحل نزار قباني وعبدالحليم حافظ، تحدث فيه العندليب عن مدى تقبل الناس لأغنية (رسالة من تحت الماء) و (قارئة الفنجان).
قصائدٌ تغنى بها في زمنٍ كان فيه العمالقة كالموسيقار محمد الموجي، يهربون من تلحينها لصعوبتها، ولخوفهم من رفض الجمهور. فنحن نتحدث عن فترةٍ زمنية اقتصر فيها الشعر على المثقفين فقط، في حين أن عامل القهوة ورئيس مجلس الوزراء أحبوا عبدالحليم على حدٍ سواء.
أغاني أحدثت ثورة في مفهوم الفن..!! وصفها قباني بالجرأة المطلقة على التغيير المواكب للعصر والتمرد على مفهوم الشعر، وعقب قائلًا؛ “لام الناس الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب عندما غنى قصيدة (ماذا أقول له)، فكيف يغني أغنية فيها لفظ سجائر وجريدة..؟؟ والحقيقة أنه لم يخلُ اجتماع العشاق من طفاية سجائر أو جريدة ملقاة في أحد أركان البيت في ذاك الوقت”.
التغير مفهوم مرتبط بالأوضاع الإجتماعية بالدرجة الأولى، قد ترجع أسبابه لتطوراتٍ شخصية أو ضرورة اجتماعية، وزعم البعض أنه آتٍ من تأثر الطبقة المستهلكة بأدوات الطبقة المنتجة. وفي كل الأحوال لا نستطيع القول بأن من تمرد على العادات بشكلٍ مجزٍ لم تكن لديه جرأة الثوار..!! وإلا لم يكن ليحدث فرقعة..!!
التغير الجذري لصالح المجتمع وأفراده، تدريجيًا أو راديكاليًا، دون التخلي عن العقيدة الصحيحة، العمل لتحسين البنية التحتية، بمساعدة من هم أهل لذلك بالطبع، تبني الأفكار الملحدة الشائعة بكثرة خصوصًا بين جيل الشباب حاليًا، ودون اتباع أجندات أجنبية هدفها الوحيد هو وأد المجتمعات الإسلامية في قبورٍ تحمل شواهد المساواة والحرية الشخصية، أصبح ضرورة من ضرورات الحياة، في خضم التسارع الملحوظ لعجلة الزمن وتطور التكنولوجيا، عوضًا عن رفع الصوت والإعتراض لمجرد العناد المطلق والجهل العارم السائد، فليحاول الجميع إعطاء كل ذي حق حقه، تبني المواهب الحقيقة دون محسوباتٍ شخصية، تشجيع الإختراعات العلمية الحديثة عوضًا عن سرقتها والإشادة بأصحابها، ظاهرة فقط لمن يجرؤ على تحمل عقبات سياسة القطيع وايجاد الحلول المناسبة لكل فئات المجتمع. يقول العالم الراحل أحمد زويل؛ “الغرب ليسو أذكى منا، هم فقط يهتمون بالمواهب ونحن نقتلها” فنحن شعب ضد التغيير.
الشاعر نزار قباني، رحل تاركًا مدرسة جديدة للشعر الحديث و عبدالحليم حافظ، صاحب الجنازة المهيبة، التي لم يعرف العالم مثلها سوى جنازة الرئيس المصري جمال عبد الناصر والفنانة أم كلثوم والراحل أحمد زكي مؤخرًا. سواء في عدد المشاركين في الجنازة الذي بلغ أكثر من 2.5 مليون شخص، أو في انفعالات الناس الصادقة وقت التشييع، تجرأ وغنى قصائدًا صعبة تغنى بها أطفال الإسكندرية انذاك، وفتح بابًا جديدًا في عالم الفن.. فهل تجرؤ أنت على التغيير..؟؟

د. غادة ناجي طنطاوي. Ghada_tantawi@

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى