رؤى ومقالات

سمير زين العابدين …”الأزهر ومحاربة الإرهاب”

 دائما ما يطل علينا الأزهر بتصريحات مثل الأزهر يدعم جهود القيادة السياسية لمحاربة الإرهاب, الأزهر يدين الهجوم الإرهابي ويدعم قوات الجيش للقضاء علي الإرهاب, القضاء علي الإرهاب واجب وطني وديني… الي آخر هذه التصريحات رغم أن المراقب لا يجد أي إجراءات حقيقية يقوم بها الأزهر قد يكون لها أثرا فاعلا في مجال مكافحة الإرهاب الإسلامي السنّي, والذي من المفترض أن يكون الأزهر هو مرجعيته.

أولا : هناك حقيقة نحاول إغفالها وهو أن الأزهر ليس هو المرجعية الدينية للجماعات الإرهابية المتطرفة فهم لا يعترفون به, ويرون أن الأزهر هو الأداة الدينية للنظام الذي يكفرونه, وتوقع أن يكون له أي تاثير علي تلك الجماعات هو توقع خاطئ. فالمرجعية الأساسية لهم هي الفكر السلفي الجهادي المتناقل عبر رموزهم ومنظريهم أمثال ابن تيمية, وابن عبد الوهاب, والهندي أبو الأعلي المودودي, وحسن البنا, وسيد قطب وآخرين, كما أن لهم رموزا معاصرة مثل عمر عبد الرحمن, وبن لادن, وأيمن الظواهري, وأبو يحيى الليبي, وأبو مصعب السوري, وأبو محمد المقدسي, وأبو قتادة الفلسطيني, وعبد الله بن محمد الرشود السعودي, ومعظمها عناصر بعيدة عن الأزهر, بل وتنازع الأزهر علي من يمثل الإسلام الصحيح.

 كما أنه حتي لو لم يتبني الأزهر الفكر الجهادي التكفيري الّا أن مراجعه وأفكاره وافكار أساتذته المتطرفة لا تخلو من العنف والإرهاب بأمثلة عديدة كقتل المرتد وتارك الصلاة .. الخ, وهي أفكار تقود طلابه وتابعيه بسهولة ويسر الي الإنضمام لمعسكر الإرهابيين التكفيريين.
 في المقابل يتغلغل الفكر السلفي والتكفيري علي أيدي شيوخ السلفية المنتشرين علي المساحة الكاملة للبلاد وقد أنشأوا بشكل غير رسمي مدارسهم ومعاهدهم داخل آلاف من المساجد التي إحتلوها وخارجها, ولهم تأثير يتجاوز تأثير الأزهر بمراحل, فهم أكثر مباشرة وأوضح هدفا تتعاظم قدرتهم في تفريخ أجيال جديدة من الإرهابيين دون مقاومة جدية سواء من المؤسسة الدينية الرسمية (الأزهر) أو من السياسيين.
 كما لا يخفي علي أحد أن هناك تحالفا بدرجة ما بين الأزهر والفكر السلفي المتطرف, يتجسد واضحا في بعض رموزه مثل القرضاوي ومحمد عمارة وآخرين, وهم من غلاة التطرف, لا يملك ولا يبغي الأزهر التعرض لهم رغم ما ينشرونه من فتنة, ولا ننسي موقف معظم شيوخ الأزهر في دعم وتأييد الإخوان المسلمين.
 ثانيا : مقاومة الأزهر للفكر العلماني القادر علي مواكبة الحداثة والتجديد والتطور, وإختلاق الأكاذيب في تعريفه, والإدعاء بأنه يهدف الي فصل الدين عن حركة الحياة وكلها إفتراءات لا حقيقة لها, تجسد حرص الأزهر علي جذبنا الي فكر الحاكمية وهو ليس بمعزل عن غيره من المفاهيم المتعلقة به كالدين والاستخلاف والشريعة والمنهاج وغيرها وكلها أمور يقوم عليها الإرهاب الساعي لإقامة دولته الدينية وما يتبعها من إراقة الدماء وتشرذم للأمة .
 يتواكب مع ذلك الهجمات الضارية للأزهر علي كل الأفكار التنويرية ودعاة التنوير وملاحقتهم بالمنع والقهر والإغلاق والقضاء بإتهامات مفتراه كإزدراء الأديان ونشر الرزيلة وانكار ثوابت الدين …الخ.
 أما ما يدّعيه من تجديد الخطاب الديني فهي لا تخرج عن بعض الأقوال هنا وهناك لا جدوي منها فهي ليست جادة ولا تنبع من إرادة حقيقية للتغيير بل هي مجرد دعايات وذر للرماد في العيون وهي عموما غير مصدقة وخدعة لا تنطلي علي أحد.
 ان الأزهر بطبيعته وتكوينه وأفكاره ومصالحه لا يمكن أن يكون له أثر في مكافحة الإرهاب كما يدّعي, بل هو وبكل الصدق أحد أسبابه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى