رؤى ومقالات

طارق البرديسي يكتب …..أخطاء ليست تاريخيةً في مسلسل الجماعة ٢

 أثار مسلسل الجماعة جدلاً ونقاشاً كبيرين بين المتابعين ومن قبلهم المتخصصين في التاريخ الحديث والسياسيين و ذوي الإتجاهات الإيدلوجية المتباينة ، ورغم ثراء النقاش و مواطن الإنتقاد وتعدد المغالطات 

 إلا أن مايلفت إنتباهي ويشد بصري هو الإستعانة بممثلين تألقوا في الجزء الأول ليتم تسكينهم في أدوار شخصيات أخرى في الجزء الثاني ، وهو أمر لا يخرج عن الإحتمالات التالية :
الإحتمال الأول : هو عبقريتهم الفذة التي لا مثيل لها .
الإحتمال الثاني : عدم وجود ممثلين في مصر وندرتهم .
الإحتمال الثالث : الرهان على غباء المتلقي وغفلته .
 الإحتمال الرابع : ممثلون يسعون وراء لقمة عيشهم ولهم ظروف خاصة .

وهي إحتمالات كلها تدور في فلك الإستسهال ومنزلق الإستهتار ومنحدر عدم الإتقان وإنشغال النقاد بالعلاقة التي ربطت جمال عبد الناصر بجماعة الإخوان ومنظرهم الكاتب سيد قطب وهو أمر خاطف للإهتمام لمن يشغله التاريخ ودقة الوقائع وصحة الأحداث ، أما من يهتم بالعمل كدراما لها أصول وثوابت ، فيعرف أن هناك مايسمى بالراكور وهو ( أعزكم الله وحفظ أنجالكم ) الحفاظ على ملامح وسمات الشخصية أداءً موضوعيا وشكلياً فتتم مراعاة أدق تفصيلات الملابس والإكسسوارات ،وهو مايحفظه المهنيون عن ظهر قلب ، أما أن يقوم ممثل إرتبطنا به في دور قدمه في الجزء الأول ، بتجسيد شخصية مغايرة في الجزء الثاني ، فهو هزل في موضع الجد ، وتشتيت لذهن المتابع الذي يشعر بإهانته وعدم تقدير تقييمه ومتابعته ، فكيف يصير سكرتير النائب العام ( في الجزء الأول ) صالح عشماوي نائب مرشد الإخوان ( في الجزء الثاني ) ؟!!
 وكيف يصبح أستاذ ومعلم حسن البنّا ( في الجزء الأول ) أستاذ ومجند رقيب الشرطة الإخواني في رئاسة الجمهورية ؟!
 وهي أخطاء كنا في غنىً عنها لو تحرينا الدقة في تسكين الأدوار ، لأنها تنتقص من مصداقية العمل الفني وجديته ، كمن أفسد طعاما شهياً مكلفاً بسبب قليل من الملح ، لأن الجماعة عمل فني ضخم يتابعه الملايين ، حتى أن قطاعات كبيرة وشرائح واسعة أضحت تستقي معلوماتها التاريخية منه ، متناسية أنه في النهاية عمل فني ونهج درامي ،وليس تأريخاً دقيقاً ولا تاريخاً أصيلاً ،فمن أراد التاريخ فعليه بوثائقه ومراجعه وهو نهج العارفين ومسلك الفاهمين الواعين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى