رؤى ومقالات

د. رضا محمد طه يكتب : الفرازة وإعداد القادة

 

عند متابعتي للمناظرات التي تتم بين المتسابقين في الحزبين الجمهوري والديموقراطي بأمريكا منذ فترة طويلة لاحظت أنه إضافة لما يمتلكه المتسابق من علم علم وتدريب مسبق من خلال تفعيل دور الحزب في توليد كوادر وصف ثان وثالث وهكذا، من المؤكد أن تلك المناظرات سوف تعود بنتيجة إيجابية عليه حيث يتدرب علي سرعة البديهة والطلاقة في الحديث والتمرس علي الخروج الآمن من الأسئلة الصعبة والمُحرجة مهماكانت التحرشات اللفظية تجاهه من قبل الآخر.

لقد سقطت ورقة التوت عن عورات بعض المسئولين في مناصب رفيعة عندنا والذين كان إختيارهم أساساً علي أنهم من “أهل الثقة” والسمة الغالبة لبعضهم هي السذاجة الفطرية والإندفاع في الكلام دون تفكير منطقي وكذلك غياب الثقافة بشكل عام الا في نطاق مجال تخصصهم. أتذكر بعض مسئولينا السابقين الذين سقطوا-هربوا-عند مواجهة بعض الأسئلة أو من تصرف في بعض المواقف بعيداً عن  الحنكة والديبلوماسية، أو في صورة وزير لا يجيد قواعد الكتابة السليمة ويخطيء في الإملاء.

في المؤسسة التي أعمل بها والتي من المفترض أنها تهتم بالعلم في معظم فروعه، يغلب علي الأكثرية حوارات بها من السطحية والسذاجة المفرطة والتفاهة إما في إختيار موضوعات النقاش أو في ضحالة المعلومات ويغلب فيها الجمل المبتورة وكذلك غياب المفردات الصحيحة وشيوع كلمة “البتاع”.أغلب الظن أن ذلك يرجع الي الحصاد البشع لعقود طويلة من التصحر الثقافي وتدهور مستوي التعليم وغياب التنوع في الرؤي والأفكار لقلة القراءة خارج التخصص الاكاديمي، أو كما كتب دكتور مصطفي حجازي نتيجة لإصرار البعض وإختيارهم البائس لغيبوبتهم والتي تتمثل في غياب “جدل عام” أمام “فائض صخب ورغي عام”. فالعيش في خدر الوهم وكسل الجهل بالنسبة للكثير في مجتمعاتنا العربية لذيذ ومريح، لذا يري دكتور زكي نجيب محمود أن تُوقد ناراً تحت جِنوب هؤلاء الكسالي حتي تستيقظ العيون وتأرق القلوب في هذا العصر المضطرب القلق اليقظان.

لذلك يجب أن نفيق من معضلة غياب وفراغ العقل ليكون البديل عقل مؤسسي عماده الوضوح والشفافية والعدل والتخلص من العقد التي ورثناها والتي منها إحتكار الحقيقة وتهميش الآخر.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى