كتاب وشعراء

سحرني الصمت…..نص بقلم حنان شبيب

سحرني الصمت
من ذا يعيد إلي وعيي؟؟!!
يا أيها الحرف
كفى توغل في أبعادي !!!
أبعادي المتمادية طولا وعرضا وعمقًا ورأسا..
يا أيها الحرف ماذا عندك بعد؟؟
رميت كل ما فيك وانصرفت..؟؟
وتركتني ألملم ما تناثر وتفاقم؟؟!!
دلني على من يداويني مما أصبتني به…دلني..ما بك ؟؟
عصي على الدواء أنت؟؟ لقد فعل فيك السحر فعله..
آذار يا سيد المطر والعواصف…وتفتق البراعم وولادة الطيور…
ما أنت بين الشهور؟! نبيهم؟
نور ونار…ومطر دافئ وخصب وافر…..
وسماء الأغنيات…وبحار الأعطيات ..
وجداول تثور …وزهور تئب…وثلوج تذوب عشقًا..
وشمس تهيم شوقا …وأرض تختال عطفا…
آذار شهر يتعانق فيه الليل والنهار
غرام يتأجج في الزمان والمكان…
تباركه الكائنات..
إنه عرس الربيع …

يتجلى بولادات الجمال في نيسان
سأولد في حقوله فراشة
و في سواقيه أهزوجة نميرة
سأكون صديقة ذاك الدوري
وأعلن استسلامي للحنه الغرود

تحايا العطر يرسلها نبي الشهور
يلثم الديار المهدمة فتصحو
ويمسح بكفه وجه التراب فيصير تبرا
يتحرك أهل التراب دهشة وغبطة.

في آذار
يقول القمر
سأغادر السماء قليلًا
سأنام الليلة في عرزال كرمكم
سألتف بالنور
لتنبت أصابعك من جديد
أصابع من أقحوان الوديان
تقطف الحُب والحَب
وتقتل الشيطان
ولن تموتي!!
فمن سال له حبر على صفحات القلوب لا يموت .
لا تكفّي عن التحديق في السماء ..أحبي المطر واقطفي الغيم ..شكّلي به جبين الشمس…داعبي النسائم التي تحتمي ببطون الفراشات..
آذار…. أيّ حمل حملته وأنت تتوكأ على عصا الرحيل ؟!
هل صحيح ما يدعي أهل التنجيم أنك تولد في الدلو وتنتهي في بطن الحوت؟ ستخرج منه عملاقا لا تبتئس.
حتى أنت لم تسلم من شيطنة الإنسان الذي تجاوز كل سد وحد .
سأقرأ عليك سفر الرحيل وأنت تودع ..
أيام سمَّوْها أعيادًا وضعت بحضنك ولم تصنعها ولم تساهم بها ولا بكل الموبقات التي ارتكبت باسمها وباسمك…عيد المعلم ، عيد المرأة
عيد الأم ، يوم الشعر، يوم الأرض ،
غادرتنا وعلى وجهك ارتسم الموت وتناثر الدم..من نيوزلاندا إلى
عبّارة الموت في الموصل إلى الخرائط التي انخرطوا وانخرطنا في خرطها …وبدأ توزيع الصكوك ..صكوك الأرض والعِرض…

وكأن كل هذه الأعياد أو الأيام التي سبق ذكرها لي ؛فأنا امرأة وأنا أم وأنا معلمة واكتب الشعر والنثر ..ولكنني لست بها سعيدة
أكره الكذب يا آذار وأنت أيضًا تكرهه…إذ كيف يحتفلون بالمرأة والمرأة تسلعت بطريقة ما وكأن لم يبق غير جسدها مادة تسويق رخيص…لقد لعب الإعلام والإعلان دورًا أسودَ في طمس هوية المرأة التي وضع الله فيها سر الخلق وسر السكن الجميل ..أهانوها رغم كل ما يدّعونه..ويحتفلون بالأم والأم من حزن إلى حزن …الحروب المتنقلة لم تبق أمًّا بلا وجع بل ولم تبق امرأة أيضًا،عيدهما معًا يكون بإيقاف الحروب…فعقد الدموع أحرق جيدهما..فكيف ينفع بعد ذلك عقد آخر؟

الأمهات الرابضات
على حدود المستحيل
الساميات على النقاء
البارئات من العيوب
الدانيات قطوفهن
الحاملات على الرؤوس
على الكفوف
الرائعات الشامخات
البالغات بنورهن آخر بقعة للعتم ..للدم
في زمن الظلام ..زمن الحروب
الباكيات من الألم الراقصات على الجراح
الباقيات على الأصالة..
ويوم المعلم !!إذا أردتم الاحتفاء بالمعلم حقا أعيدوا له احترامه وهيبته واحفظوه عند الكبر… لقد كان ذا هيبة واحترام ولم يكن ثمة عيد ،واليوم عيد وليس ثمة هيبة ولا تقدير ..
أما الشعر صار غالبا بلا قلب والقلب أصله ومنبته ..بم تحتفلون وقد فقؤوا للشعر عينه ؟ أعيدوا له أصالته ، أعيدوه إلى موطنه (القلب) ثم اجعلوا له عيدا…لا عيد إلا عندما يستعيد الإنسان إنسانيته..فطوبى للإنسان الحر النبيل ؛ الإنسان الذي ليس مختومًا باسم أحد وليس له مدة صلاحية..
أما الأرض فواأسفاه ويا لمحنة لا يبدو في الأفق أفقُ حلٍّ قريب.. تتنقل من أرض إلى أرض ومن شعب إلى شعب .
ومن برتقال فلسطين إلى لوز لبنان إلى أشجار الفستق في سوريا إلى نخيل العراق إلى زيتون ليبيا و….و…. التي لبست ثوب الحداد وتستقبل التعازي.. لها جميعا تحيات الدم والدمع..

غرفتي فوق الثريا!!

بحثتُ بحثتُ في ساح اغترابي
عن الروحِ التي غابت قصِيّا

وها إني وجدتُ اليومَ نفسي
سأحمل رايتي وأقولُ هيّا

وأمْهَدُ بالإباءِ المُرّ دربي
وأبني غرفةً فوق الثريا

أنا بنت العروبة لي جلالي
حملت الحب وضاءً نديّا

فلن أحني لظرفٍ حُرّ رأسي
ولست أبيعُني أبدا ….أُخَيّا

فمن طلبَ الحياةَ بكأسِ ذلٍّ
يُقَضِّ العمرَ مغلوبًا شقيّا

أَلَا فارفعْ جبينَك للأعالي
وضعْ شمسًا بكفك صِرْ نبيّا

ولا تحسبْ لأهلِ الجوْرِ فضلًا
فإنك إنْ فعلتَ تموتُ حيّا

آذار ..أعرف أن بعض الكلام يحرق…ولكن لا بد منه أحيانا..لم يستفد أحد من كل هذه الأعياد إلا التجار …يملؤون الفراغ بافتعال المناسبات….عفوك آذار أثقلنا على أيامك ..تماما كمن يفتعلون الحروب ليبيعوا السلاح ولينهبوا بعدها خيرات الأرض التي اقتتل فيها أهلها..
لا شك… الفرق كبير بين من يدعي أنه يجلب لك السعادة ويبيعك وردة وبين من يبع السلاح لتقتل به ويقتلك!
ولأنك- آذار- وكنت جوادا بكل شيء…سأبوح لك بما عندي حتى يبح نبضي ويتعالى صهيل قلمي..وأسكن … لكن لا أستكين..

اسمي التمرد!

لن تغلبيني اليوم يا أرزائي
فالحرف حرفي والرويُّ فضائي
سأكون كيف أشا إذا شكلتُني
اسمي التمردُ والجموعُ ورائي
سأظل أجدلُ من خيوطِ الحب فجْ/
رًا رائقًا كي ترعوي ظلمائي
ولسوف أبقى في صميمِ عروبتي
ولسوف تبقى في عميقِ إنائي

مهما تمادى العتمُ حطّ بثِقْلِهِ
سأشقّ صدرَ ظلامِهِ بإبائي
يا أيها التاريخُ سجّلْ إنني
جمّعتُ من بعدِ البِلى أشْلائي
وطفِقتُ أنشرُ عطرَ حرفٍ وارفٍ
أدعو لكونٍ آمَنٍ وضّاءِ
ما بعتُ حرفي فاسِقًا أو ظالمًا
بمبادئي أعلو ولستُ أُرائي
فهي التي قد قلّدتني هيبةً
وهي التي قد رابطت بإزائي
شتان بيني والألى زعموا بأنْ
هذا الترابُ غدا بغيرِ رواءِ
وبأنه فقد الخصوبة سرها
وبأنه أضحى بلا أنباءِ
سأظل أحسب للشموس إيابها
ليظل سطرُ النور وشْيَ ردائي

رغم كل الوجع الذي يحتلنا ويحيط بنا …ورغم كل هذا الخوف الذي يتجول في نفوسنا على مستقبل أبنائنا وأحفادنا وبلادنا وتاريخنا .
أهدي لكل منكم وردة تفوح عطرا آذاريا ..وسيبقى للأمل زاوية.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. لكم الشكر الجزيل ووافر الاحترام والتقدير على نشركم النص اعلاه،
    راجية لكم السداد والتوفيق في دربكم النبيل لخدمة الثقافة ،والمحافظة على مجد الحرف العربي.

    حنان شبيب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى