رؤى ومقالات

سمير حسين زعقوق يكتب ….النخبة السُّنية سبب نكستنا!

ربما يكون العنوان صادمًا، لكنها الحقيقة التي سأدلل عليها في هذه المقالة من خلال ما ساقتنا إليه هذه النخبة السنية، التي اختلطت لديها المفاهيم، ولم تستطع فرز الغث من الثمين.

القصة تعود إلى نهاية السبعينيات من القرن الماضي، تحديدًا في عام 1979م، تاريخ قيام ثورة الخميني، التي كانت وبالا على الحركة الإسلامية السنية، فقد انخدع القوم بهذه الثورة الشيعية، وانبروا في تقريظها والثناء عليها، وامتد هذا الهراء حتى العام 2006م، حرب الـ 33يومًا التي قادها الرافضي حسن نصر الله ضد الكيان الصهيوني.

فماذا قالت النخبة السنية عن الثورة الخمينية وما قام به حسن نصر الله في هذه الأيام؟
فقد راج على هذه النخبة أن دولة الصفويين الرافضة في إيران وثورتهم هي (الحل الإسلامي البديل) مثلما كتب فتحي عبد العزيز : “الخميني.. الحل الإسلامي البديل” وهو عنوان كتاب نشرته دار المختار الإسلامي بالقاهرة.

وقال آخر في مجلة البلاغ العدد (512) بتاريخ 9-11-1399هـ: إنه قد عاد “المذهب الشيعي إلى نقائه الأصيل ولاءً لله ورسوله – صلى الله عليه وسلم – وحبًا لآل بيته، حبًا صادقًا لوجه الله، لا يُفقد صاحبه احترام غيرهم من المسلمين، وخصوصًا صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-“

ووصف بيان التنظيم الدولي للإخوان المسلمين حُكم الخميني بأنه “الحكم الإسلامي الوحيد في العالم”.

وأصدر المركز الإسلامي للإخوان المسلمين في مدينة أخن الألمانية البحث الثالث من البحوث التي أصدرها بعنوان “مع ثورة إيران” مثنيًا عليها ومؤيدًا.

وأما إعلام أهل السنة، مجلة الاعتصام، التي كانت تصدر في مصر، فقد زعمت أن ردود الفعل التي أحدثتها (حركة الخميني) كان مبعثها أنها حركة إسلامية مائة في المائة.

أما مجلة “المعرفة” التونسية 3/1142 ، السنة الثانية والأربعونن ربيع الأول 1399هـ، فقد رشحت الخميني لنيل جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام.

ومضت على هذا النهج مجلات أخرى كـ”الرائد” الألمانية و”الدعوة” المصرية، و”الرسالة” و”الأمان” اللبنانيتينن وغيرها من المجلات، وكلها منتسبة لأهل السنة.
ومن الكتب التي أثنت على ثورة إيران كتاب “نحو ثورة إسلامية” لمحمد عنبر، وكتب أخرى هوّنت من من فتنة الشيعة الرافضة، مثل كتاب “الشيعة والسنة ضجة مفتعلة” ومن سلسلة الكتب التي أصدرتها دار المختار الإسلامي. وقد علمت، فيما بعد، أن مؤلف هذا الكتاب قد تشيّع.

أما الشخصيات التي خدعتنا في هذا الباب فهي شخصيات لها وزن في أوساط الحركة الإسلامية، وبالتالي فإن آراءها أثرت بشكل كبير في شباب الأمة، فمثلا عندما سئلت زينب الغزالي عن رأيها في مشكلة التفريق بين السنة والشيعة؟ أجابت : “إنني أرى أن الشيعة مثل المذاهب الأربعة لدى السنة”

أما الأستاذ مصطفى مشهور المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين في (رسالة الإخوان)، التي كانت تصدر في لندن، العدد 127 بتاريخ 12/2/1999م، فقد هنأ غلي خامنئي، مرشد الجمهورية الإيرانية، والرئيس خاتمي بالذكرى العشرين لثورة الخميني.

وقال الشيخ الغزالي، رحمه الله، “رأيت أن تتولى وزارة الأوقاف المصرية ضمّ المذهب الفقهي للشيعة الإمامية على فقه المذاهب الأربعة المدروسة في مصر، وستتولى غدارة الثقافة تقديم أبواب العبادات والمعاملات في هذا الفقه الإسلامي للمجتهدين من إخواننا الشيعة، وسيرى أولو الألباب عند مطالعة هذه الجهود العلمية أن الشّبَه قريب” كتاب (كيف نفهم الإسلام) ص 118.

ونقلت مجلة “المختار الإسلامي”، التي صدرت في مصر مع ثورة الخميني، نقلت في العدد 288، الصادر في غرة شعبان 1427هـ الموافق 31/8/2006م، حديث الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد الذي جدد فيه استنكاره للدعوات التي تفرّق بين السنة والشيعة، فيما يتعلق بدع السّنة لحزب الله الشيعي، مؤكدًا أن الجميع يشكلون الأمة الإسلامية، حيث يتبعون ربًّا واحدًا ونبيًا واحدًا وقرآنًا واحدًا.

ويقول فهمي هويدي في مقالة بعنوان “إنهم يُرَصّعون جبين أمّتنا” في الأهرام 30/3/1999: “إن المقاومة الإسلامية في لبنا تمثل لنا ضوءًا باهرًا في الأفق المُعتم، وصوتًا جسورًا وسط معزوفة الانكسار، وقامة سامقة تَصَاغر إلى جوارها دعاة الانبطاح والهرولة، وهي مع هذا كله لم تنل ما تستحقه من متابعة وتقدير في الخطاب الإعلامي العربي. ويحزن المرء أن بعضا منا أغمضها حقها، محاولا النيل منها وتلطيخ صورتها الوضاءة. إن الإفصاح عن مشاعر المؤازرة والامتنان لأولئك الشباب بمثابة “فرض عين ” لا يسقط بالتقادم!! إنهم يدافعون- بهذا الدور البطولي الذي يقومون به- عن شرف الأمة العربية وعن الأمل في أعماق كل واحد فينا، إنهم يرفعون رؤوسنا عاليا ويرصعون جبين أمتنا”

ويقول حلمي القاعود، في جريدة الشعب القاهرية بتاريخ 9/33/1999:”إن حزب الله يقوم بدور رائد في إيقاظ الأمة وتقديم الدليل على قدرتها لصد العدوان “.

ويقول مجدي أحمد حسين:”فالمقاومة الإسلامية لحزب الله واحدة من أبرز معالم نهضة الأمة وأكبر دليل على حيويتها”.(“وانتصرت المقاومة” ص7 – مركز يافا للدراسات والأبحاث – الطبعة الأولى)

ويقول منتصر الزيات: “إن المؤشرات تدل على فشل محاولات التسوية الجارية لكونها انهزامية، وهذا يفتح الباب واسعا لبقاء حزب الله رمزا حيويا للمقاومة الإسلامية!! بل والعربية، وسيتمتع في هذا الإطار بالشموخ والاستعلاء على كل دعاوى التسوية الاستسلامية السائدة في المنطقة” (جريدة الحياة اللندنية بتاريخ 9/3/2000).

ويقول د. محمد مورو، في كتابه “الجهاد في سبيل الله، حزب الله نموذجًا” الصادر عن مركز يافا للدراسات والأبحاث، ص62 : “لماذا حظيت المقاومة الإسلامية بهذا القدر الهائل من التضامن الشعبي العربي والإسلامي، بل من كل المستضعفين في العالم؟
وهل يتحول الطرح السياسي والحضاري لتلك المقاومة إلى أيديولوجية للمحرومين في كل مكان في العالم في مواجهة النمط الحضاري والقيمي الغربي الذي يهدد العالم بأسره؟

لماذا نجحت المقاومة اللبنانية في أن تصبح طليعة لكل قوى التحرر العربي على اختلاف مشاربها الدينية والطائفية والسياسية والطبقية؟!

وبصيغة أخرى: لماذا نجحت المقاومة اللبنانية في الخروج من مأزق الطائفية الضيق!!! إلى رمز للتحرر لكل إنسان مسلما كان أم مسيحيا، عربيا أم عالميا، أبيض أو أسود؟

لماذا كانت المقاومة- وحزب الله بالتحديد- هي الجزء الحي في النسيج العربي الذي اهترأت الكثير من أجزائه وأطره الفكرية والتنظيمية؟”

وقال فتحي يكن مؤسس الجماعة الإسلامية في لبنان (الإخوان المسلمون) لصحيفة الأسرة العربية القاهرية : “إخواننا في حزب الله سبقونا إلى ما تقاعسنا نحن عنه”.
هذا غيض من فيض المديح والثناء سواء للثورة الخمينية، ووصفها بالثورة الإسلامية، أو للرافضي حسن نصر الله وحزبه، وهو نفس النهج الذي كان يسير عليه الناصريون وأهل اليسار في مصر والعالم العربي، أمثال مصطفى بكري وحمدين صباحي وغيرهم، وكأننا كنا نوحّد الخطاب معهم، لكن كان ذلك على حساب ثوابت أهل السنة.
وبهذا الذي قدمته نخبة السنة، إن جاز التعبير، فقد تم تضليل شبابنا على مدار 30 عامًا، لنصحو مرة واحدة فنجد أنفسنا في مواجهة الرافضة، الذين يقاتلون أهل السنة في سوريا والعراق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى