كتاب وشعراء

الشاعر محمد كنعان يكتب : معبد حزن

معبد حزن

على بابِ غُرفَتي علقوا صَدري

وقالوا : أنتَ مسِنٌ فاختَر لِنفسِكَ ثوبَ كهلِ يَشرَبُ النَبيذَ ليصحو

فاختارُ وجهاً سرقهُ آريس واختبأ بهِ خشية أن أراه.

كان أبي رجلاً يطرق باب غرفتي باستمرار

رغم أنه يعرف أنني لست هناك

ولكنه نذر على نفسهِ أن يتذكرني دائماً

………………..

يخدعني وجهي في كل مرة أحاول أن أجده

ويقرضني قناعاً أسير فيه في نومي ويسألني دوماً :

لماذا تدور حول غيمتِك غريباَ..!

وجسمكَ مرتدياً رائحةً امرأةِ منذ ثلاثين عاماً..!؟

فأتأتئُ باسمها مراراً..وأستيقظ على وجهها في يدي

لستُ نحاساً لأصنعَ زمناً جديداً أرتدي منهُ وردتينِ وسماء..

فقد كنت أتذكر نفسي كلما رأيت صدري

معلقاً على صدرِ أبي طفلاً أجهضتهُ الأرض خجلاً من دمِه

………………..

أدركت أنني أمرُ على نفسي مرورَ عابرِ يطلب الماء

وسرقت من القلب قطعةً لألهو بها قليلاً

فما وجدتُ إلا أنا وبعضي وبعض بعضي

فترجلتُ من دمعتي ورحتُ أطالبُها بالفرح

بعد أن أبت أن تسير معي إلى حيثُ تستقرُ جدائلِ أمي الحمراء

……………….

كان السيرُ مترهلاً فوقَ قطعةٍ تشبهُ وطني

والأغنياتُ في سجنِ قديم تحاصرُ وجعي الطويل

وتنادي الرفاق..أين الرفاق..أين الرفاق..؟

أدركت أن الماء في ذكرياتي قد تجمد من شدة الترحال في ذاكرتي

تساءلت : كيف يُترَكُ الزائرون في الماضي يلعبون النرد

على وقتِ احتضارنا القادم..؟

…………………..

أقرأ كفي في موعدِ رأيتُهُ يَمرُ أمامي مسرعاً..

متلهفٌ لاحتضانِهِ

فأواجه صمتاً يغرز شفتاي ويعتصرُ ما تبقى من الكلامِ بينهما

لصٌ لنفسي..أسرقُ آخرَ جسدِ لبستهُ معتكفاً

وأبيعهُ في سوقِ النحاسين..كقطعةِ صدأة

يسألني الناس ما هذا..فأقول :هذا وجه أبي عندما كان يطرق بابي

متأملاً أنني هناك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى