فيس وتويتر

مصطفي السعيد يكتب :التحرش كمان وكمان

قضية التحرش معقدة للغاية، وليست وليدة اليوم، وأسبابها متشابكة، بين جينية موروثة وثقافية وإجتماعية ودينية وأخلاقية ونفسية، حتى مصطلح التحرش غامض، أو غير متفق عليه، فهل الغزل تحرش؟ وما هو الخط الفاصل بين الغزل والتحرش؟ وكذلك فإن الإغراء لفظ غير محدد المعالم، هل هو اللبس أم لغة الجسد أم إشارات واضحة أو غامضة، وما هو الخط الفاصل بين الزينة والتجمل وبين الإغراء؟ وإذا ما وجدنا أن التحرش لا يستثني فئة بدءا من رئيس الولايات المتحدة الأسبق بيل كلينتون إلى إبن بمبة الذي ذكره بيرم التونسي في قصيدة بالعامية الجميلة عن التحرش قي الأحياء الشعبية، ويقول فيها “وبقبيح اللفظ يوصف كل حتة في جسمها- وصف تفهم معانيه الأفاعي يسمها – واللي سامعين يضحكوا أو يقولوا كويسه”. وهناك موجات أو حوادث تعلو فيها مناقشة الظاهرة مثل فتاة العتبة أو قصة مفتعلة أو غريبة أو ملتبسة، لكن في النهاية تمر دون مناقشة، لا لأسبابها العميقة وتشابكاتها، ولا لوسائل العلاج، وتقتصر على المطالبة بتغليظ العقوبات الغليظة أصلا، حتى أصبح من الصعب تنفيذها، ورغم أن التحرش يحدث في أكثر الدول تقدما وتحررا مثل الولايات المتحدة وأوروبا، فهو يحدث أيضا في أكثرها محافظة وكبت وتدين من الفاتيكان إلى السعودية مرورا بأفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، من أثيوبيا وجنوب أفريقيا وسريلانكا، ولهذا فإن جلد الذات بأننا أسوأ الشعوب لا يجدي، صحيح أن هناك عوامل مستجدة تغذي التحرش وغيره من الجرائم الأخلاقية، مثل ارتفاع سن الزواج بشكل خطير يهدد الصحة النفسية والإجتماعية، ويشوه البشر ويغذي الإنحراف، ويحتاج وقفة جادة لتسهيل الممارسة الطبيعية للعلاقات الطبيعية، وكذلك اكتظاظ المدن، وشيوع الفردية على حساب الخياة الإجتماعية، فالجيران حاليا لا يعرفون بعضهم، حتى الأسرة أصبح أفرادها منعزلون، والحال أصعب في العشوائيات، لكن ذلك لا يمكن حله لا بالمواعظ ولا بالسب والشتم للمجتمع ولا بتوجيه السهام نحو الرجال وهو الهدف المفضل لنسويات “الفامينيست”، رغم تأكيدهن أحيانا أن المرأة هي المربي وهي الأم والأخت، فلماذا الإنتقائية؟ لأنها تجارة ومورد رزق لهذا النوع من الجمعيات النسوية الممولة، والتي تفسد القضية وتستغل معاناة النساء لمجرد جلب التمويل، إن الحل معقد بقدر تعقيد القضية وتداخل الدوافع، وإن كان علينا أن نفهم ونفسر الدوافع – والتفسير لا يعني التبرير- إنما الفهم والمعرفة، إلى جانب إيجاد حلول حقيقية للمشكلات الإجتماعية والإقتصادية والتربوية، وتسهيل العلاقات الطبيعية وليس بالمزايدات الرخيصة وإلقاء الإتهامات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى