فى يوم أجازة، قلت انزل امشى، مشيت على النيل فى اتجاه اتعودت عليه عمرى كله، الجيزة. شدنى الحنين لكليتى وللميدان عديت قريت الفاتحه فى سرى ورجعت للكورنيش، وصلت كوبرى المنيب مشى وانا باعدى واتلِفت شفت ثلاثة، رجل ومراته فى سن الشيخوخة، وشابة على إيدها لفة تشبه رضيع، التلاته شكلهم تايهين، قربت وكانت نظراتهم كلها توسل مشفوع بسؤال، قربت اكتر وسألت: بتدوروا على مكان ولا شارع معين؟ رد الرجل:
– يابنتى عايزين نوصلوا مشتشفى ابو الريش. بصيت للفة على دراع الأم الشابة ومنطقتش
– حاضرأوقف لكوا تاكسى؟
-هم ميروحولهاش الا بتاكسى؟
– لا طبعا ممكن بالأوتوبيس أو الميكروباس، لكن ..بصيت للفة القطن مرة تانية وقلت
– أنا أروح معاكم المستشفى.. دعوات ورجاء متعطليش روحك اوصفى لنا بس واحنا نروحوا. وقفت تاكسى: ابو الريش لو سمحت؟ ركبت جنب السواق. بصيت له وبص لى وسكتنا، وسمعت سكات التلاته اللى ورانا. وصلنا المستشفى حسيت انى زى الغرقانه، اتمنيت السواق يفضل معانا لانى حطيت احتمال انهم يمشونا _ مجرد هاجس – دايما بيكون صح للأسف، السواق شاف اللهفة والاستعطاف فى عينى، قال
– انا معاكم . قلت ف سرى شكله هيُعْكُم مبلغ وقدره ، سلمت أمرى لله… الحقيقة السواق كان ابن بلد وحِرك جدا ولسانه حلو وهادى – استغربت- بعد مداولات عرفنا ان مفيش حضانه، خدت الممرضه على جنب وقلت
– لها ينوبك ثواب دول شكلهم غلابه قوى ومش حمل بهدلة قولى لى بالأمانة فعلا مفيش ولا حضَّانه فاضيه؟ خدتنى من إيدى وانا شاورت للسواق بإيدى التانيه وقلت له تعالى نشوف، دخلنا نشوف، كمامات الأكسجين، رضع فى حالة موت، النبض طالع بالعافية من بطون هزيلة نحيلة جداً، قلت لها وانا تايهه:
– فعلا مفيش مكان؟يعنى مفيش حضانة واحدة للطوارئ؟؟
– فيه طبعا. شميت نفسى وقلت افرح.
– فيه 20 حضانة.
– ياكرم الله عايزين واحده بس.
– دول طوارئ علشان لو جالنا تليفون من الحكومة .
– الحكومة بتعوز حضانات؟؟ ليه؟ هم نسوان الحكومة بيجيبوا عيال ناقصه؟؟ ضِحكِت بصوت عالى.
– وكتاب الله ماقصدت أضحكك، أنا باتكلم جد.
– دول حضانات التوصيات اللى بتبقى من وزرا أو ناس كبيرة فى البلد، لو حد منهم طالب خدمة من المستشفى. عليت صوتى:
– يانهار اسود؟؟ 20 حضانة احتياطى خدمات واللى جايين من سوهاج ميلاقوش حضانه؟ بان عليها الحرج، واترجتنى اوطى صوتى، والسواق ابتدى يولع سيجارة من سيجارة، خد الممرضة على جنب يتفاوض معاها، ما هو أنا بعصبيتى ضيعت فرصة التفاوض.
بعد حوالى 10 دقايق كلام مسمعتش منه حرف رجعوا وجهت لى الكلام وقالت:
– شوفى ياستى احنا لقينا لكم مستشفى تانى يقبل الرضيع اللى معاكم، بس عشان نطلع من هنا لابد ناخد انبوبة أكسجين ودى عهده ورهنها 150 جنيه ، وانا أجرة إيدى 200 جنيه عشان اروح معاكم اعرفكم المستشفى واحجز لكم وأجهز الرضيع للحضانه. بصيت للعجوزين وبنتهم الشابة
– قال الجد: الأمر لله. ركبنا التاكسى طبعا انا تحشرت ورا مع الجدين والأم ولفة القطن على دراعها، والممرضة والأنبوبة جنب السواق. قالت : ساقية مكى يااسطى، وصلنا ساقية مكى قصاد المترو قالت له استعدل وقفتك واركن هنا. نزلنا دخلنا عمارة 12 دور، الممرضة شكلها رجلها واخده على المكان ومعروفة وذائعة الصيت من أول باب العمارة لغاية باب الحجز. الليلة 1200 جنيه، والرضيع (عمره 6 ايام) محتاج 35 يوم عشان يبتدى يعيش، يعنى الحسبة 42000 جنيه طبعا ده بخلاف الأكل والشرب والمواصلات والإكراميات والذى منه- المستشفى دى تبقى ملك مدير مستشفى أبو الريش، أيون ملك مدير مستشفى أبو الريش اللى حاجز 20 حضانه للحكومة- رجليا لفت حوالين بعضها، بصينا كلنا لبعض ومن غير كلام خرجنا من المستشفى، لا انا سألت ولا السواق سأل ولا حد نطق، فجأة انفجرت 10 عيون، والله العظيم بكينا بقهر، قعدنا على الرصيف، خدت الأم فى حضنى، ومديت إيدى أطبطب على الجد والجدة، والسواق أخيراً نطق:
– ايه رأيك يابا الحج؟ من غير ميرفع عينه المليانه دمع زى الحجر.
– يموت يابنى يموت .. جريت بسرعه أبعد من المكان، قلت للسواق انا راجعه هدور على مكنة صرف قريبه متمشيش، استنانى.
رجعت وقلت:
– نوصلكم لمحطة القطر، طلع الجد محفظته يدى فلوس للسواق اللى حلف ميلزمه مليم، بدى انا السواق فلوس إكراما للتلاته حلف برضه وقال جملة متتقالش غير فى عزا الشهدا والأطفال:
– قهوته متتشربش يامدام. وصلناهم القطر. …وصلناهم القطر. وصلنى السواق لبيتى وكان الحوار بينى وبينه كلام مقطع غرقان حزن- بيشتغل فى دولة فى الخليج ونزل من 9 شهور بس- بدى له فلوس حلف ماياخد، ساب لى تليفونه وقال:
– بكرا انا طالع على السفارة أملا أبليكيشن عودة ، لو عزتى حاجه لكى أو لولادك تليفونى معاكى، أقدر اساعدكم.
وكان البُكا نَجدَه…..
42000 جنيه و20 حضانه محجوزة خدمة للحكومة؟؟ ياكفره ياظلمه ياولاد ستين كلب
