إيناس الغزولي يكتب: المسؤولية الوالديّة.
كلنا لنا تاريخ، فيه لقطات مؤلمة، لحظات: فرح، دهشة، خيبة، نجاح، فشل، خزي، توهّج! لكن أعمق ما عشناه كان في سني طفولتنا مذ كنا صفحة بيضاء، براءتنا تشع من عينينا! أتذكر؟ أول صدمة تلقيتها ؟ أول كذبة سمعتها ؟ أول من استهزأ بك وأنت طفل؟ أقسى كلمة قيلت لك؟ وأحنّ شخص عليك ؟ من أسمعك أجمل جملة في حياتك؟ من أظهر إعجابه عن شيء فيك؟ أحداث كلها ترددت في طفولتنا.. كلنا مررنا بمراحل ترشيف لترسبات ما حدث لنا، بقينا تحت تأثير كل ما عايشناه في طفولتنا… بعضه تجاوزناه بفهم أحياناً وبدون فهم في مواقف أخرى.. وبعضه لانزال عالقين فيه.. سلسلة أفكارنا فيه لا تنقطع. ألا ترعبك فكرة أن تكون في تاريخ أحدهم بدور سفاح؟ تقتل الفرح لديه وهو وليد؟ تبكيه لأنك بمزاجٍ سيئ! تبتزّه لتنال شيئاً منه! تستغلّ براءته ضاحكاً عليه.. تسخر منه فتكسره كسرة لا يرممها ألف عمر! وما أسوأ أن يُبتلى الطفل بذويه، أن تكون لطخات الأسى من صنع أذاهم هم قبل سواهم! هم من كانوا يفترض أن يكونوا درعه الحامي، وحصنه المتين، وحضنه الآمن، لكنهم كانوا على قدر من الجهل في التنشئة، اعتمدوا على فطرتهم المشوهة بالأصل.. في الإنجاب والتربية! مسؤولية الأمومة/الأبوة أعظم مسؤولية يتكلّف بها الإنسان، فإما أن تكون فسيلته الطيبة التي ستنتج خيراً ويتكاثر طيبها وينتشر، وإما أن تكون لغماً يدمر أرضه وما حوله وما يتبعه.. ويا لخسارة من أنجب ولم يُحسن في إدارة تربيته وعائلته التي أنشأ! واعتبر نفسه كأي دابة على الأرض تُخلق لتأكل وتشرب وتكبر وتتكاثر.. ولمَ يعِ لحقيقة أن الإنسان هو خليفة الله على أرضه، ومسؤوليته الكبرى تحتّم عليه أن يأخذ الحياة على محمل الجدّ، والإنجاب أجدر ما يمكن أن يؤخذ بجديته ليكون مشروع حياة، ووقفاً خيريّاً أبديّاً.