كأنّكِ مريم…بقلم هادية السالمي

كأنّكِ مريم
معطّرَةٌ بالسّواد
أكُفُّ الحمام و أجنُحُها.
و مُوغِلةٌ في القتامةِ
أيْدي الضِّباعِ و أعيُنُها.
و هذي النّوافذُ
أتْرعَها وَرَقُ اللّيلِ و الْوَجَلُ.
و هذي المناضدُ
نَضَّتْ قَرَابِينَها،
و بين الْمَجامِرِ
ألْقَتْ عناوينها.
تَداعَى الذّبابُ إليها
يَلُوكُ غُبارَ الْفُتاتِ على جمْرِها.
عليها هَوَى وَرَقُ التُّوتِ لمّا ذَوَى.
**************
مُعَطَّرَةٌ بالسَّوادِ
أكُفُّ الْحَمامِ و أَجْنُحُها.
و مُوغِلةٌ في الْخَواءِ
مَآقي السّماءِ و أَضْلُعُها .
و كَعْبُ ” أَخِيلَ ”
بها تَتَلَهّى الْوَقَاوِقُ و الْعَنْكَبُ.
و أنتِ هنا
يتَجَرَّعُ وجهُكِ
زرقَةَ بَدْرٍ ينامُ على الْقَرَفِ.
كأنّكِ مريمُ
تكتُبُ شوْقَ النَّخِيلِ بِطُهْرِ الْيَدِ ،
و تغرِسُ في الطّينِ
مُضْغَةَ حَرْفٍ
يَنِزُّ ضياءً على الْخَزَفِ…
و تسألُ عن زكرِيَّاءَ نخلَتَها،
و تسألُ عنه جداولَ
يَمْتَشِقُ الْعنكبُوتُ منابِعَها.
كأنّكِ أختٌ لِهارونَ
تَنْأَى بِغُصَّتِها.
تُرَتِّبُ أنْفاسُها جُمَلَ النَّصِّ
في الْمُقَلِ .
و يَنْضُو بأَجْراسِها
صَدَأُ النَّضَدِ.
و مِنْ خَطْوِها
يتدَفَّقُ ماءُ الأساطير
في النُّجُدِ…







