لا تر حلى …بقلم د. مصطفي عبد المؤمن

لا ترحلي…
فإنَّ الليلَ من بعدِ عينيكِ
يُصبحُ أرملةً تبكي على كتفِ الغياب،
وصدري
يُصبحُ بيتَ عزاءٍ
لا يَدخُلهُ ضوءٌ ولا يخرجُ منهُ طيرٌ مُهاب.
لا ترحلي…
فأنا رجلٌ إذا فقدَ امرأةَ قلبه
تفكّكَتْ منهُ الجهات،
وتساقطَتْ خرائطُه
كما يتساقطُ المطرُ من حضنِ سحابةٍ خائفة.
عودي…
فإنَّ الليلَ يسألني عنكِ
كما يسألُ طفلٌ عن أمِّه،
وإنَّ وسادتي
ما زالت تحتفظُ ببقايا عطركِ
كآخرِ وثيقةِ حبٍّ
صمدتْ في وجهِ الريح.
يا أنتِ…
يا من جعلتِ نهاري مُطعَّماً بفانيليا الحُب،
وليلتي ممدودةً على أنفاسكِ
كقصيدةٍ ترتوي من شفتيكِ،
إن كنتِ تسمعين رجفتي
فاعودي قليلاً…
أو ضمّيني كثيراً…
فالرجالُ لا يشفونَ من امرأةٍ
تسكنُ خلايا دمهم.
لا ترحلي…
فالعمرُ دونكِ
تابوتٌ من صمت،
والقلبُ دونكِ
نهرُ بكاءٍ لا يعرفُ أين يصبّ.
إن ضِعتِ عني مرّةً
ضاعَ الطريقُ كلُّه،
وصِرتُ – بعد أمانكِ –
رجلاً يطاردُ ظلَّهُ
ولا يعثرُ عليه.
لا ترحلي…
لا تُطفئي آخرَ شمعةٍ في روحي،
فأنا من دونكِ
مدينةٌ بلا أبواب،
وطفلٌ بلا أم،
وقصيدةٌ بلا قافية.
كوني موطني،
كوني ملاجئي،
كوني جنوني،
كوني حياتي…
أو على الأقل
لا ترحلي.









