كتاب وشعراء

آية تتلى…..بقلم فاضل عباس

دعمك للعربي اليوم كفيل باستمرارنا

آية تتلى
قالت : ارسمني على شَفتيك اسما أزليا
كأنها كانت تُجرّب قدرةَ الحروف على تحمّل ثقلها،
وكأن الشفتين ليستا جلدًا ولحمًا،
بل أرضًا تُزرَع عليها الأسماء التي لا تموت.
فقلت لها: بل سأنقشك آية.
آية لا تُتلى على لسان،
بل تُقام في الهواء مثل منارة
تدلّ الغيم إلى طريق المطر،
وتعلّم الريح كيف تمرّ على القلوب
دون أن تخلّف ارتجافًا واحدًا.
سأنقشك آية
كأنكِ نشيدٌ خرج من صدر ملاكٍ ضائع،
جرّب صورته الأولى في هيئة عينيك.
سأنقشك آية
لا أتعوّذ بها من نساء الكون،
فالكون حين يراكِ يتعلّم الحياء.
بل أتعوّذ لهنّ منك،
مِن بريقك الذي يشبه رشقةَ ضوء
قادرة على أن تفقأ ليلًا كاملاً
وتعيد كتابته بلون آخر.
سأنقشك آية
لأنكِ لا تصلحين اسمًا عابرًا،
ولا تشبهين الفصول التي تتبدّل،
أنتِ الفاصل بين زمنين:
الزمن الذي أتيتُ منه،
والزمن الذي لا أعرف كيف أعود إليه بعدك.
وكانت تسمعني
وكأنني لست أتكلّم،
بل أفتح نافذة في صدري
ليخرج منها صبيّ صغير
يحمل في يده الأولى شمعة،
وفي الثانية خوفًا قديمًا
من امرأةٍ تشبهك
لم تأتِ بعد،
لكنني كنتُ أعرف أني سأقابلها
في جملة من جملك.
قالت لي:
ارسم وجهي في أفكارك،
ارسم صوتي في ثيابك،
ارسم خطواتي في لياليك،
لكن لا تنسَ أن تجعل ظلي
أطول من ظلّك،
كي أعرف الطريق إليك
كلما ابتلّ المساء
وارتجف صدرك من نسمة بعيدة.
فقلت لها:
يا امرأةً تمشي في قلبي
كما يمشي الليل في عروق النجوم،
كيف أرسُمكِ اسما
وأنتِ تنهضين في روحي
كل مرة في هيئة مختلفة؟
مرةً كقدّيسةٍ تصلي.
ومرّةً كبحرٍ يفتح صدره للعاصفة.
ومرّةً كقصيدةٍ لا أجرؤ على إكمالها
لأن آخرها قد يعني نهايتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock