رؤى ومقالات

محمد محمود عيسي يكتب ….أكذوبة التطبيع مع إسرائيل وصفقة القرن

نعيش منذ سنوات طويلة في أكذوبة كبيرة أسمها الرفض القاطع للتطبيع مع إسرائيل ومع ما صاحب هذه الأكذوبة من مزايدات من قبل القادة والزعماء العرب تجاه أنفسهم وتجاه شعوبهم حتى أصبحت الأكذوبة حقيقة واقعة يصدقها ويعيشها البعض خاصة حينما يواجهون وسائل الإعلام ويخاطبون شعوبهم وهم يعلنون بكل صوت جهوري أنهم ضد التطبيع مع إسرائيل ولا يوافقون عليه وأنهم سيقفون ضد هذا المشروع دفاعها عن ثوابتهم الوطنية وانطلاقا من تمسكهم بقضاياهم العربية ووسيلة للضغط على الكيان الأسرائيلي حتى يوافق على عودة الحقوق المسلوبة إلى أصحابها ومن أكثر الشعارات التي لازمت هذه الحالة الوطنية شعار الأرض مقابل السلام تلك المقولة التي استهلكتنا سنوات طويلة وعشنا في أسرها ما تبقى من العمر والعقل خاصة حينما كان يصرح بها أحد الزعماء أو القادة العرب ووقتها صدقنا أننا نملك الأرض ونملك السلام والحقيقة التي اكتشفناها بعد ذلك أننا لا نملك الأرض و لسنا قادرين على منح السلام حتى لشعوبنا حتى نفاوض على منحه للآخرين فهم يحتلون الأرض ويملكونها بقوتهم وضعفنا ويصنعون سلاما يناسبهم ويحقق مصالحهم ويسوقونه لنا على أنه السلام الحقيقي الذي يجب أن نسعى إليه ونحلم به وهم فقط يملكونه ويحرموننا منه لأننا لا نستحق ذلك السلام الذي يليق بشعوبهم فقط سلاما كوجبات الكنتاكي والهمبورجر سلام الشعوب الضعيفة المفككة المتفرقة وكما وضعوا لنا خلطة السلام الذي يريدونه وضعوا حدوده ومواصفاته القياسية التي تناسبنا نحن في بلادنا العربية حتى مقاييس الجودة للسلام ودرجتها حددوها لنا واختاروا وكلاء السلام في بلادنا وأعطوهم هذه الوكالات بحق انتفاع لسنوات طويلة وحددوا لهم هامش الربح من تسويق وبيع مفاهيم السلام في البلاد العربية وبعد أن نجحت هذه الشركات وحققت أرباحا كثيرة وفوق المتوقعة من بيع وتسويق منتجات السلام مع البلاد العربية المختلفة وبأسماء وماركات متنوعة كانت الأرض ممهدة لتطوير منتج السلام وإدخاله في عملية تجارية سياسية أخرى تحت مسمى صفقة القرن منتج سياسي أمريكي إسرائيلي ولكنه بنكهة عالمية اشتغلت عليه مراكز الأبحاث وجماعات إتخاذ القرار في أمريكا وإسرائيل وتمت مناقشته في بلاد الدول العربية مع القادة والزعماء حتى يناسب شعوبهم وبلادهم دون أن يفقد مضمونه ومحتواه الأساسي ووافق عليه القادة والزعماء كالعادة ووقعوا عليه ووافقوا على موعد نزول منتج السلام الجديد في الأسواق العربية تحت مسمى صفقة القرن ولكن على ما يبدو أن المنتج الجديد نسب أرباحه عظيمة وهائلة وهي بحسب المنتجين مضمونة مقدما بل إن الرهان على الأرباح وصل إلى حد أن القادة والزعماء قبضوا أرباحهم مقدما ضمانا لتسويق وبيع منتج السلام في بلادهم وبين شعوبهم ، وهو منتج لن يختلف عن سابقه من منتجات السلام الأمريكية الأسرائيلية ولكنه هذه المرة تمت صناعته على أساس أنه عصا موسى التي ستلقف كل ما بقى من حقوق ومطالبات العرب سواء كانت هذه المطالبات مادية أو معنوية وهكذا تمضي الشعوب العربية حياتها بين عمليات البيع والشراء تمضي حياتها بين نمط استهلاكي لمنتجات أمريكية إسرائيلية لا تملك حق تصنيعها في بلادها ولا حتى رفض تسويقها ولا بيعها لشعوبها ومع كل هذه المنتجات السياسية الكثيرة ونجاحها في بلادنا ورغم مرور هذه السنوات إلا أنه مازال البعض يخرج علينا ويقول لك لا للتطبيع مع إسرائيل هل المقصود بالتطبيع أن تكون العلاقات مع إسرائيل طبيعية شأنها شأن الدول الأخرى التي تربطنا بها كل أشكال العلاقات والمعاملات السياسية والثقافية والاقتصادية والرياضية والفنية وغيرها لكن إذا كان ذلك هو المقصود بتطبيع العلاقات مع إسرائيل فنحن نعيش أكبر كذبة في التاريخ فحقيقة الأمر أن العلاقات العربية مع إسرائيل في أصلها هي علاقات طبيعية ولكن بشكل يناسب العقل والثقافة العربية وهي طريقة العلاقات الغير معلنة بداية من الزيارات السرية إلى اسرائيل ومرورا بكافة أشكال اللقاءات والاجتماعات الأخرى وكذلك الشراكات الاقتصادية بين رجال الأعمال هنا وهناك ولكن أيضا بطريقة سرية وغير معلنة بل إن البعض من الشخصيات العربية المهمة وصل بهم الأمر أنهم يقضون إجازة نهاية الأسبوع في إسرائيل وكذلك يمتلكون القصور والبيوت هناك والذي مازال يصدق مقولة أن العرب يرفضون التطبيع مع إسرائيل ومازال يعيش في أسرها منتظرا اليوم الذي يوافق فيه العرب على منح صك التطبيع إلى إسرائيل ينظر حوله ويرى كيف يساوم العرب على التطبيع مع إسرائيل وشركاتها العالمية هي التي تستخرج النفط وتبيعه لهم بعد أن تحدد لهم الأسعار التي يبيعون بها وتحدد هي الأسعار التي تشتري وتبيع للآخرين بها وتتحكم في المنظمات العالمية التي تحدد أسعار البيع وكميات النفط المستخرجة لكل دولة ؟ كيف يساوم العرب على التطبيع مع إسرائيل وكل المؤسسات المالية العالمية الكبرى التي تدير اقتصاد العالم وتتحكم في حركة أمواله بيد اليهود كيف يساوم العرب على التطبيع مع إسرائيل وخزائن أموالهم واستثماراتهم وكل ثرواتهم في أمريكا وأوربا . كيف يساوم العرب على التطبيع مع إسرائيل وهم يذهبون للعلاج في مستشفياتها . كيف يساوم العرب على التطبيع مع إسرائيل وجميع خيوط الحلول السياسية لكل قضايا العرب في يد إسرائيل وأمريكا ومعهم الحلفاء والأصدقاء الذين يدينون بالولاء والطاعة لهم . كثير من الأسئلة التي تطرح نفسها على هذه الإشكالية التي أصبحت فارغة من شكلها ومضمونها وفي حاجة إلى إعادة صياغة وتقديم من قبل الشعوب العربية في حاجة إلى نوع من المصارحة الحقيقية بين القادة والشعوب وفق القدرات والإمكانيات التي تملكها الشعوب والدول العربية بحاجة إلى نوع من المصارحة والمكاشفة حول كل ما هو معلن وما هو غير معلن من العلاقات التي تربط الدول العربية بإسرائيل وحجمها وحقيقتها وذلك حتى نتمكن من إعادة صياغة هذه العلاقات وفق ما تقتضيه مصلحة الدول والشعوب العربية ووفق ما يستطيعون فعله بحق حتى لا تعيش الشعوب العربية في أوهام وخيالات عقولها فقط وحتى لا تخرج علينا صفقة قرن جديدة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى