كتاب وشعراء

العودة: بقلم الشاعرة منى محمد من سورية

سهوت فوقع كأس الحياة من يدي وانكسر

لن أنظف المكان …
……………….

بشَعري القصير وحزني الطويل أفتح باب الليل
أرفع الستارة
حتى ظلي على الحائط ناقص وهزيل

في هذه الغرفة المستعارة
على الكرسي البلاستيكي أجلس وأفكر بك
كل شيء بارد
يسقط المطر في قلبي أو خارجه … لا يهم … لكنه يسقط
لم أعد أشعر بالاختناق بعد أن تحولت رئتيّ إلى ثقبين كبيرين
رائحة الشوارع مطر
صدقني
إنها الرائحة ذاتها تلك التي كانت تثير رغبتي للغناء

……………………………..

ثمة وقت ممتلئ إلى حد الفراغ
وثمة فراغ مسكوب على البلاط يعرقل خطواتنا المحبوسة داخل مخيلاتنا المؤجلة دائماً

ما أكثر المشاعر التي لا تحدث والكلمات التي لا تقال.. الآن

رائحة أمي تملأ المكان لكن الهواء معطل،
في كل الأماكن التي سكنتها
وجع الجدران واحد يا أبي .

جسدي هارب الآن … يركض .. يركض … بلا أمنيات
القفز صعب .. والاختفاء أيضاً
الأيدي مبتورة
لا تلويح ولا عناق
هذا الطريق يهزّني من كتفي
………….

/ المخابز تعمل بنشاط لأن الجوع لافتة مضيئة /

رأيت امرأة تشتري خضروات ذابلة لأن أطفالها لم يتوقفوا عن إشتهاء الأحلام
وأنا نسيت المنبه في بيتنا القديم
حسناً، لا داعي للاستيقاظ
أو النوم
الوسادة فم ثرثار
أحتاج قليلاً من النعاس والكثير من الوسائد الصامتة

لأن جسدي هارب … يركض … يركض … بلا اتجاه
………….
نجمة بعد نجمة تنطفئ الابتسامات
وهذه الأرض صفيحة معدنية تغلي تحت أقدامي الحافية

لقد كان طعام العشاء دسماً،
على المائدة تركت قلبي المقضوم وبعض من دموعي
………………………….

في الصباح كنت أتحدث معك
كتبت على وجه الغياب : اشتقت إليك،
ثم ركلت بقدمي حلماً كان يتدحرج أمامي
كتبت لك نبضاتي، و مسحت الرماد عن المدى الذي يفصلنا
تحت كومة من القصائد خبأت عينيك
ثم ابتسمت في وجه موت تجاهلني
ومضى
………….

بعد أن انكسرت الأطباق لملمت أصابعي
صوت مكنسة كهربائية ،،
أحدهم يكنس الليل المغطى بالزجاج المهشم
سرب نوارس يتجه نحوي
بحري مغلق ومفرودة أحزاني
جسدي يهرب … بلا قلب ….
رأسي مغمور تماماً داخل الماء

قلت لك : لن ألوح لأحد
الأيدي مبتورة والعيون مغمضة تماماً كأنها لم تكن
لقد علقت نبضاتي المبللة على حبل الليل
الشمس دائماً تعود … أدرك هذا

العودة أحياناً تكون مثل طعنة
والطعنات دليل على وجودنا
…………………………

غداً
سترتوي زهور المقابر بدموع جديدة
سنزور المقبرة ونغادرها مع حزن جديد
غداً سيبتسم بائع الألواح الزجاجية …
ستبتسم نوافذنا المحطمة والحافلات وواجهات المحلات
سيضحك الأطفال للضوء … سيعجبهم الطعام الذابل
ستتراكم أرغفة الخبز الساخنة
سننظف الفراغ
سأفكر بك
ستجف قصيدتي
ستعبرني النوارس
ستنبت أطرافنا الجديدة
وربما سيصل جسدي الهارب إلى مكان ما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى