كتاب وشعراء

(الصحفي) في أدب ثورة أكتوبر العراقية..! ….بقلم وليد جاسم الزبيدي.

بعد غيابٍ طويل في وسائل الإعلام، يطلّ علينا القّاص العراقي الأستاذ(محمد خضير)في قصّته (الصّحفي) والتي ذيّلها بتاريخ (كانون الثاني 2020) والمنشورة في جريدة (المدى) العدد 4596 الأحد 26 كانون الثاني 2020 . تندرجُ القصّة في أدب ثورة اكتوبر والظرف العراقي الراهن.
الواقعية في القصّة/ آ-الواقع المحلي : يتمثلُ بالزمن المرتبط بالاحتجاجات العامة، والفراغ الدستوري، واستقالة رئيس الوزراء، تفكك مجلس النوّاب، انتشار فرق الاغتيال، ساحة التحرير، مرآب السيارات الذي شغلهُ المتظاهرون ، الجسور المقطوعة، حواجز الشرطة، اضرام النيران في اطارات السيارات.
ب-الواقع العالمي/ إشارات القاصّ الى شخصيات عالمية، اتّخذها قناعاً بل أقنعة للكتابة والسّرد، وفي هذه الإحالات يريد (القاصّ) أن يجعل المتلقي يتفاعل مع فكرة القصة وفلسفته في كتابتها وهندسة بنائها، ومن هذه الإحالات استخدامه ايقونات منها شخصية (وليم غولدنغ) الكاتب الانكليزي، الحائز على جائزة نوبل، والمعروف على اسم احدى روايته( أمير الذباب، أو ملك الذباب، أو سيّد الذّباب)، وما بها هذه الرواية من تداعيات في صراع فكري ثقافي، والايقونة الأخرى، الممثل الأمريكي(خواكين فينيكس) الحائز على جائزة غولدن غلوب، وهو بطل الفيلم المثير للجدل (الجوكر).
استخدمَ الّقاصُّ اسلوب الفلاش باك في هذه الاشارات من الواقع المعاش وهو يأخذنا نحو صراع مع أقنعةٍ، وشياطين، وذباب، وفزّاعة تظلّ ماثلةً للمتلقي من بداية القصّة الى نهايتها.
أقنعة القصة/ يعتبر(الصحفي) هو الراوي في القصة، وكأنه أرادَ بدءً أن يسرد سيرته أو يجعل النّص السردي في أدب السيرة، لكنّ هندسة القصة وبنيتها أخذته نحو مكانٍ آخر، فتتلبس القصّة أقنعةٌ مختلفةٌ عدّة، منها اسم الجريدة( الضباب) عكس الوضوح، ينتحل(الصحفي) كنية (ملك الذباب) وهو قناع آخر وإشارة الى قناع الكاتب (وليم غولدنغ وروايته)، وقناع المراسل التلفزيوني(أحمد عبد الصمد)، وقناع شاعر ساحة التحرير(سديم). هذه الأقنعة ترتديها شخوص القصة للدخول في مسرحها والصعود على منصتها.
تاريخ العراق الحديث/ اجترح القاص تاريخ العراق الحديث للتورية، ولتأكيد ثقافة العراقيين وفكرهم على مرّ العهود، فاتّخذ من (دار المسنّين) صورة مصغّرة لوطن وشعب، يقولُ: ( ..من عشرات تسللوا من الدار خلال الفوضى الأمنية) صورة لشعبٍ مشرّد مهجّر، وشخصية السيدة الوحيدة في (دار المسنين) نبيهة بنت حسن الكرخي، سيدة من الحاشية الملكية، وهناك إشارات تاريخية مهمة منها قصر الرحاب، سيارة الملك غازي(وماتعني في القضية الاشكالية في سبب وفاته أو اغتياله) ، مقتل الملك فيصل الثاني.
مجرى النهر/ مجرى القصّة/ ساح بنا القاصّ العراقي المبدع الأستاذ (محمد خضير) وفق اسلوبه التنظيري في كتابة القصّة ، وهو يلوّن فضاءاتها، ويفتح المكان والزمان نحو دلالات معرفية وفكرية، تعيد المتلقي الى احضان ماضٍ فيه الكثير من التجني والمؤامرة، الى يومٍ مثقل بأقنعةٍ وفزّاعةٍ ، في زمن طوارئ، في زمن اغتيال الكلمة الحرة الشريفة في شخصية (الصحفي) الذي أراد أن يقول الحقيقة، وينير حياة ً كلها دخان ،وجسور مقطوعة ،وفوضى، واختصرَ الكاتبُ المأساة كلها في سطرين (بعد أيامٍ من نشر مقابلة المرأة المسنة، مع صورةٍ مختلسةٍ لها، على الصفحة الأولى من جريدة “الضباب”، هوجم وكرُ الصحفيين وأضرمتِ النارُ فيه)…….!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى