رؤى ومقالات

( العيد.. وثلاثية الخوف ! ) / بقلم الأستاذ محمود محمد زيتون

( العيد.. وثلاثية الخوف ! )
٭٭ فى خضم تهديد ثلاثى الأبعاد بالخوف.. يأتى عيد الفطر هذا العام.. ثلاثية الخوف من انتشار فيروس كورونا وتناول الفسيخ.. وكعك العيد.!
عيد لا يحمل من مظاهره وطقوسه إلا اسمه، فقد اختفت الفرحة وزيارات الأهل والأحباب وأغانى الأطفال وهم يرفلون فى ملابسهم الجديدة الزاهية وساد السكون العالم وفرضت العزلة نفسها على الكون كله.!
تحاصرنا ثلاثية الخوف.. وتطبق علينا وتهيمن على فكرنا حتى تحولت فرحة العيد ومباهجه إلى التفكير فى فكرة الحياة والموت لتشغل المصريين وغيرهم ولم يعد للمصريين إلا ممارسة سخريتهم ودعاباتهم وبات لسان حالهم يقول عندما يشمرون عن سواعدهم لتناول الكعك والفسيخ :
« من لم يمت بالفسيخ مات بغيره »!
تمثلٱ بقول الشاعر (أبو نصر السعدى ) قبل ما يزيد على ألف عام :
من لم يمت بالسيف مات بغيره
تعددت الأسباب والموت واحد
فصبرٱ على ريب الزمان فإنما
لكم خلقت أهواله والشدائد
فإذا كان فيروس كورونا يتعقبنا فلماذا الخوف من تناول الفسيخ والكعك؟!
لا فرار، فالموت يحيط بنامن كل جانب..بالكبير والصغير..السليم والمريض تمامٱ كما قال الشاعر الجاهلى (أمية بن أبى الصلت):
من لم يمت عبطة يمت هرمٱ
للموت كأس والمرء ذائقها
※ ※ ※
وقد ارتبط عيد الفطر عند المصريين منذ القدم بتناول الفسيخ، وتعد الأسرةالفرعونية الخامسة أول من أكل الفسيخ وكانوا يصنعونه عن طريق التحنيط حتى ارتبط بتقديسهم للنيل ؛لأنه ينبع من الجنةحسب اعتقادهم.!
وفى أثناءحكم المماليك لمصر أصدر أحد المتشددين كتيبٱ يحرم فيه أكل الفسيخ جعل عنوانه « ألف سيخ فى عين من يأكل الفسيخ »!
وقد أحدث الكتيب أو الفتوى سجالٱ دينيٱ وفكريٱ بين المصريين واختلف رجال الدين بين مؤيد للفتوى ومعارض لها، فأصدر الفقيه المصري ( جلال الدين السيوطى) كتابٱ تحت عنوان « ألف سيخ فى عين من حرم الفسيخ »!
وقد استدل السيوطى بأدلة شرعية على أن ميتةالسمك لاخلاف فى جواز أكلها.
أما فى العصر الحديث فقد أفتى (الشيخ عبدالحميد الأطرش) رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر بتحريم أكل الفسيخ ؛ بسبب رائحته الكريهة وطريقة تمليحه المتردية واستند إلى القاعدة الشرعية التى تنص على :
« أحل الله لكم الطيبات وحرم عليكم الخبائث »!
وقد عارضه الشيخ (سالم عبد الجليل) وكيل وزارة الأوقاف الأسبق بالأزهر ووصفه بالتشدد وأضاف أن الشرع الحنيف لم يحرم أكل الفسيخ.!
أما كعك العيد فإن الفراعنة أول من عرفوه وفى التاريخ الإسلامى يرجع صنعه إلى الطولو نيين حيث كانوا يصنعونه فى قوالب خاصة مكتوب عليها « كل واشكر »!
وفى متحف الفن الإسلامى بالقاهرة توجد قوالب الكعك وعليها عبارات « كل هنيئٱ واشكر و كل واشكر مولاك » !.
محمودمحمد زيتون
٢٠ – ٥ – ٢٠٢٠
………… هوامش…………………
※ من لم يمت عبطة: أى شابٱ
※ هرمٱ : أى عند مرحلة الهرم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى