فى مِثْلِ هَذا الْيَوْمِ 5 / 10 / 1789م النِّساء الفرنسيات يقُمْنَ بِمَسِيرَة أمام قَصَر فرساى المَلكى للمُطالبة بالخُبز و الْغِذاء و الْحَياة الْكَرِيمَة و الَّتِى عُرفت بِمَسِيرَة ” أكتوبر ” كما عُرفت فى مُراجِع أُخْرَى بـ ” الزَّحْف إلَى ڤرساى ” و هى تُعد مِنْ أَوائِلِ الْأَحْدَاث الْأَكْثَر تأثيرّاً فى مَسار الثَّوْرَة الْفَرَنْسِيَّة …
و يُذكر أن قُدحت شَرارَةٌ هذا الحَدث فى أسْواق بارِيس مُنذ الصَّبَاحِ الباكِرِ حيثُ بدأ بمسيرة حُشودٍ مِنْ النِّساءِ نَحْو قَصَر فرساى ثُمَّ بَدا التّجَمّع فى وَسَطَ الْمَدِينَةِ نَحْوُ بَلَدِيَّةٌ بارِيس لمُطالبتها بِالِاسْتِجابَة لِلْحالَة الاقْتِصادِيَّة و الاجْتِماعِيَّة الصَّعْبَة الَّتِى يواجِهْنَها و خاصَّة نَقَص الخُبز و ارْتِفاعُ الْأَسْعارِ و الْفَقْر النَّاتِج عَن غِياب الْعَدالَة الاجْتِماعِيَّة كَما طالَبَت الْمَسِيرَة النسائية بِإِيقَاف ” العَراقِيل المَلكية ” لِمَنْع الْجَمْعِيَّة الوَطَنِيَّة مِنْ أَداءِ « أَعْمالِها الإصلاحية » كَما طالَبَت أخيرّاً بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَى بارِيس كدليلٍ عَلَى حُسن نواياه فى القُرب مِنْ الشّعْبِ و مُعالجة مَشاكله الاجْتِماعِيَّة المُختلفة عَلَى نطاقٍ وَاسِعٌ …
و يُذكر كذلك أن أَدَّى عَدَم التجاوب فى بادِئِ الْأَمْرِ مَعَ المَطالب النِسائية إلَى الْتِحام الثائرات بالشُرطة الَّتِى خارَت قَوَّاها ! أمام صَلَابَةٌ الثائرات المُنقطعة النَّظِير أَعْقَبَ ذَلِكَ تحرُك الْمَسِيرَة إِلَى قَصْرٍ فرساى لتنتهى بمواجهة عَنيفة مَع الْحَرَس الملكى و يُذكر أن قُدِرَ عَدَد المُتظاهرات بِنَحْو 7000 امْرأَة فِى حِينَ قَامَ 20000 عُنصر مِن الْحَرَس الملكى بِتأْمِين مقِرٌّ السَّكَن الملكى بَعْدَ أَنْ حاوَلَت النِّسْوَة اقْتِحام الْقَصْر ما أَسْفَر عَن مَقْتَل عِدَّة حَراس و فِى النِّهايَة تَمَكَّن قَائِد الْحَرَس الوطنى مِن إقْناعٌ الْمَلِك بِأهَمِّيَّة الِانْتِقَالِ إلَى بارِيس كمقر الْإِقَامَة الْمِلْكِيَّة بَعْدَما ظِلّ الْمَلِك يَتَهَكّم عَلَى المُظاهرات النسائية ناعتها بـ ” مُظاهرات الغانيات ” ! لَكِنَّه رَضَخ فى النِّهايَة فى يَوْم 6 أُكْتُوبَر 1789م و انْتَقَل و عائِلَتِه الْمالِكَة مِنْ قَصْرِ فرساى إلَى بارِيس تَحْت حِمايَة حَرَسه الوطنى …
يُذكر أخيرّاً أَن اُعدّت الْمَسِيرَة النسائية إِلَى قَصْرٍ فرساى كحَدثّاً و إشارَةٌ مُهمة فى تارِيخ الثَّوْرَة الْفَرَنْسِيَّة و ذلك بعدما ذَكَر العَدِيدِ مِنَ المُحللين بِأَن تأْثِيرِهَا كان كبيرّاً عَلَى قَدَمِ المُساواة مَعَ حَدَثٍ اقْتِحَام سِجن الباستيل فَباتَت الْمَسِيرَة مُلهمة لحَركات التّحرُر العالَمِيَّة و المُجتمع الْمَدَنِىّ و رمزّاً لِقُوَّة الْحَركَات الشَّعْبِيَّة و أَحَدٌ رُموز النِّضال النَسَوى فى الْعَصْرِ الحَدِيثِ و قَدرَة الْمَرْأَةُ عَلَى التَّأْثِيرِ و التَّغْيِير فى مَصِير المُجتمعات حِين يَسْتَكِين رِجالِها اسْتِكانَة الضُعفاء و الْعَجَزَة ! .
