رؤى ومقالات

الحب لا يسكب الحساء .!./ مقال بقلم الكاتب محمود محمد زيتون

الحب لا يسكب الحساء .!.
مقال
تمضي بنا الحياة ، بصخبها وصراعاتها الماديةالبغيضة وتسحقنا تحت عجلات ضغوطاتها، فتتلاشى مشاعرنا الإنسانية ، وننسى من تتابع الأيام وكر الأعوام، وسواد الليالي أننا بشر.!
تمامٱ كما سئل أحد الحكماء بعد مرور سنوات على زواجه من امرأة دميمة ، كيف تحملتها طوال ما مضى، فقال:
«قرب الوساد، وطول السواد».!
وهكذا كأننا اعتدنا على الكراهية ونسينا الحب بيننا ومن ثم تبحر قلوبنا بعيدٱ ، في بحر مظلم من العداء والكراهية؛ لأن شيئٱ ما لم يعد يسطع في أعماقنا.!
لم يعد الحب يضيء قلوبنا، فالقلوب حين تحب تضاء كما قال (ابن الفارض).
فقد صارت مشاعرنا مجرد كلمات تتناولها الشفاة ، فلا تتعداها، ولا تهتز لها القلوب. هذا الحب الصادق النبيل السامي ، الذي كانت القلوب تتدافع دقاتها حين يمس شغافها ، وتقر به العيون.. اختلفت معاييره، واختلطت مفاهيمه، وفسدت غاياته، ولم نعد نعرف كيف نميط اللثام عن صدقه من كذبه ، رغم أننا جميعٱ نتشدق به، ولله در مجنون ليلى إذ يقول :
وكل يدعي وصلٱ بليلى
وليلى لا تقر لهم بذاكا
إذا انبجست دموع في عيون
تبين من بكى ممن تباكا
وكم خدعنا من أناس أغدقوا علينا من كلمات الحب، وقلوبهم غلف ، لا تحمل إلا الحقد والضغينة ، ونسي هؤلاء أن الأيام ستكشف غشهم،وخداعهم وضلال سعيهم،وعورات قلوبهم
فالحب كالصلاة، باطل بغير طهارة.!
وقد سئل أحدالحكماءيومٱ : ماالفرق بين من يلفظ الحب بلسانه ولا يستشعره قلبه ومن يعيش الحب ويعمر قلبه.؟
لم يجب الحكيم السائلين،ولكنه دعاهم إلى وليمة في بيته،وأعد العدة ليكشف لهم من منهم يحب بصدق،ومن المحتال.!
وبدأ الذين يخدعون الآخرين ويتظاهرون بالحب وهو منهم براء. وجلسوا إلى المائدة،ثم أحضر الحساء، وسكبه لهم في أطباقهم،وأحضر لكل منهم ملعقة يزيد طولها على متر،واشترط عليهم أن يحتسوه بهذه الملعقة العجيبة.حاول كل منهم تناول الحساء،ولم يستطع توصيل الحساء إلى فمه،فابتلت ملابسهم،وانسكب الحساء على الأرض وقاموا جائعين.!
فقال الحكيم :حسنٱ،انتظروا قليلٱ..ودعا الذين يعمر الحب قلوبهم إلى المائدة،وقدم لهم نفس الملاعق العجيبة،فأخذ كل منهم ملعقته،وملأها بالحساء،ثم مدها إلى صاحبه المقابل له،فأكل الجميع،ولم ينسكب من الحساء شيء،وشبع الجميع حساء هنيٱ طيبته حرارة الحب.!
بقلمي
الكاتب: محمود محمد زيتون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى