رؤى ومقالات

أ. خديجة بن عادل تكتب .. أحلام أدباء المهجر في شنطة سف

 

مدينة ترار الفرنسية ضواحي ليون

واقع حياتنا تدور رحاه حول مفردة ((المال))؛ لأنّه سرّ وجودنا، وجوب بقاءنا ..حيث صراع الجبابرة من الثيران الجائعة في أوطاننا العربية، من مسؤولين على تعاسة أرواحنا، والمصرون على مصادرة أحلامنا، وحقنا في العيش كباقي البشر .. تحت سقف العدالة الاجتماعية، والحقوق.
نحن النائحون، النازحون، الباكون نرحل على أوطاننا مستضعفين في موكب جنائزي، كمن شيّعوه لمثواه الأخير.. هكذا هو حال كل من أخرج من بلده مكرهاً، مرغماً ليخلف من وراءه جوقة الأوغاد، الذين عاثوا في الأرض فساداً، يتناحرون على حبّ الدينار، وعواء الأطماع، غافلين عن الحكمة من الفطرة الوجودية، الإنسانية.

حين لا يجد المرء فينا الحبّ، والأمل المنشود بأهله ومجتمعه، يسافر والنبض متسارعاً لعالم اللاوعي ليستنطق المقموع، المكبوت، المسكوت عنه؛ مرة بالصراخ واللوم جهرا، وأخرى بالتأمل والصمت الأخرس حتى يطفو على سطح الوعي تجلي كنز الذات المفقود، المأمول، ومن هنا، وفقط تبدأ رحلة البحث عن الحرية، والمساواة، والتغيير
من أجل العيش بكرامة.
متى أراد أحدهم اخضاعك لقانون الغاب، إمّا أن تكون مهزوماً راضياً، مرضيا، أو تنتفض، وترفض ذلّ الخضوع والهوان تحت نعالهم المتخمة بدم الفقراء والمعوزين!
هكذا بدأت سنوات التسعينات مع مطلع العشرية السوداء في الجزائر، من أراد العبودية له ذلك، ومن أراد الحرية عليه شد لجام اليقين قبل أن يولِّي الإيمان هارباً من بين ضلوع صدره؛
ومن هنا جاءت فكرة الهجرة للخارج، تحديدًا سنة 2003 م. بعدما اختلطت المفاهيم وكثر سفك الدم، والقتل، والفتن، والاغتصاب، أجندات وعصابات، تطرف، وانتهاكات حتى أصبح الشخص لا يثق بأقرب المقربين، حين يرفض العقل تقبل ما يحيط به… يبحث عن البديل من أجل استقرار مشاعره وحالته النفسية لينعم بالطمأنينة والعيش في سلام، لأنّ النفع والضر بيد رب البشر.
بديار الغربة رغم التقدم الحاصل، في جميع مجالات الحياة، إلاّ وأنّ الجاليات العربية المسلمة تعاني التمييز والعنصرية،والكراهية وثقافة النبذ والتهميش، لأنها لم تجد لها قواسم انسانية مشتركة مع المجتمع الاوروبي دينياً وأخلاقياً وتربوياً فهاهي تعاني تصادماً، وتناحرًا، حيث شرّعت له القوانين في فرنسا مظهرًا من مظاهر العنصرية، والتمييز اللغوي حيث صنفت اللغة العربية في اواخر اللغات المعترف بها؛ ولم يكن ذلك بسبب علمي أو ثقافي بقدر ماكان عنصرياً محضاً. وأكبر دليل مايحدث اليوم من مشروع يعمل على تقديمه لرئاسة البرلمان الفرنسي الرئيس الحالي (( ماكرون)) بفرض غرامات مالية والسجن النافذ لعدم الالتزام من الجاليات المسلمة بقوانين دولة علمانية تفرض إلزامية فصل الدين عن الدولة وغلق 76 مسجداً وهدم البعض منها تحت مسمى التطرف الديني مما خلق ارتباكًا قوياً، في دولة تدعي حرية التعبير، والمعتقد، وحق المساواة، كما حرية الرأي والثقافة.

تعمل أقلية من الطبقة المثقفة في فرنسا على تصحيح صورة الإسلام المشوهة قصداً، وتصحيح مصطلح (( الاسلاموفوبيا)) الذي أصبح شبحاً في نظرهم بسبب ذهنيات متعصبة، ومتطرفة، لا تعي أبجديات الحق، ولا حتى أحكام الدين الصحيحة، سوقت له تسويقاً، زائفًا، مشوهاً حتى.. أصبحت الصورة نمطية لكل ماهو عربي اسلامي (( ارهابي)). وبماأنّ هذه الثقافة أصبحت متجذرة وواقعاً معاشاً، وجب على المثقف المسلم، العربي أن يغير الصورة بابداء النصوص القرآنية، وسياسته التشريعية، بمحاربة كل أشكال الغلو الفكري والتعصب للجنس أو اللون أو الجغرافيا وذلك بالاندماج من خلال المنابر الثقافية، والدينية، والسياسية، وتفعيل دور الجمعيات وحوار الثقافات،و الأديان.
إسماع صوت وحقيقة تسامح الدين الإسلامي وقدرته على التعايش، وتحقيق التوافق الحقيقي، وذلك من خلال الاهتمام بترجمة كل الدراسات والمقاربات المنجزة.

للغربة مزايا إيجابية وسلبية؛
الشخصية المستقلة الواعية المثقفة، القوية تستمد من ثقافة الآخر ما يشبع الفكر من معلومات، بتعلم اللغة للاطلاع، وحسن التواصل، تصحيح الأفكار المغلوطة عن الثقافة العربية، تحسين ظروف المعيشة، النماء ورقي الذات في حين من كانت شخصيته ضعيفة الوازع الديني يتخلى على الهوية الوطنية، والنشأة الأخلاقية بنسيانه المبادئ و القيم، والارتداد عن أحكام الدين عوض أن يكون فاعلاً يكون مفعول به، ضيق الأفق، قصير النظر، يصبح في عرفه، كل محظور مرغوب، لا يفرق حلالاً من حراماً.

في فرنسا الجاليات العربية المسلمة، موجودة وبكثرة وخاصة من دول المغرب العربي الكبير ( تونس، الجزائر ، المغرب) وكذلك من السودان ومصر واللاجئين من سوريا، تواصلنا جيد بشكله العام، وخاصة في الأعياد، والمناسبات الدينية، وحتى المواسم حيث نتبادل فيما بيننا الزيارات وحتى العلاقات والتكافل الاجتماعي وتقديم الاعانات والمشورة، مشاركة أحزاننا قبل أفراحنا، زيارة المرضى وإعالة المحتاج فينا ادارياً أم عملياً…نتشارك همومنا اليومية، عن قضايا مجتمعنا وأهالينا لدى الحديث عن مراحل من حياتنا وطفولتنا حين يشتد ظمأ الحنين للوطن الأم، للأسرة، والمقربين من الأصدقاء والأهل، وكيف نبرمج حياتنا على تقديم المساعدات طبياً، واقتصادياً واجتماعياً نقداً أو معنوياً
نصوصي الأدبية تطرقت لمواضيع وقضايا مختلفة حركت الراكد منها؛ مجابهة التعصب الديني والفكري، سياسة الكراهية والتمييز، التعايش السلمي، واقصاء النعرات، برمجة فن الانصات والاندماج، عوض الصدامات والصراعات، نشر ثقافة المحبة والإنسانية، المعقول، المقبول من العادات والأعراف،
حق الطفولة والأيتام من الفقراء… وغير ذلك من النزعات النفسية، والروحية والوجدانية.

#الشاعرة_والاعلامية_خديجة_بن_عادل_فرنسا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى