رؤى ومقالات

مصطفي السعيد يكتب …..صراع مكتوم على السلطة داخل الولايات المتحدة الأمريكية

يدور صراع مكتوم على السلطة داخل الولايات المتحدة الأمريكية، لا نرى سوى القليل من دخانه المتصاعد، مثل منع الرئيس الأمريكي ترامب للصحفيين الأمريكيين من حضور لقائه مع الوفد الروسي، أو منع الصحفيين من توجيه أسئلة حول ملابسات إقالة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي، الذي كان يقود التحقيق حول مزاعم تدخل روسيا في إنتخابات الرئاسة الأمريكية، فالخلافات أعمق وأخطر من ذلك بكثير، فالرئيس الأمريكي يتبنى سياسة تقترب من الإنقلاب، ويرى ترامب أن العولمة الإقتصادية كانت وبالا على أمريكا، وأدت إلى هجرة الشركات ورؤوس الأموال إلى دول مثل الصين والمكسيك وغيرها، وأغرقت أمريكا بالسلع الرخيصة، وهو ما زاد من عجز الميزان التجاري، وهروب الشركات الأمريكية إلى الخارج، بسبب الأجور المرتفعة للعمال الأمريكيين والضرائب العالية. وأعلن ترامب أنه يريد هدم معبد العولمة الذي تعتبره الشركات العابرة للقوميات قدس أقداسها، فالعولمة استهدفت تحطيم الحدود بين الدول، لتتدفق سلعها إلى الدول الأقل تقدما، وتحتكر كل أسواق العالم دفعة واحدة، فلا حواجز جمركية، ولا تدخل للدول في دعم منتجاتها، وبذلت الحكومات الأمريكية والأوروبية جهودا كبيرة من أجل تنفيذ وتوسيع اتفاقية التجارة الحرة لصالح هذه الشركات.
كانت السياسة العسكرية الأمريكية تعتمد على أن السيطرة على العالم تبدأ من إحكام القبضة على روسيا وشرق أوروبا “أوراسيا”، المعروفة باسم “قلب الأرض”، ولهذا استمر العداء لروسيا ومحاولة إضعافها وتقسيمها، حتى بعد انهيار الإتحاد السوفييتي، فالصراع له بعد يتعلق بالجغرافيا السياسية، وليس فقط بالتوجهات الإشتركية، لهذا التقى أهم مخططين للسياسة الأمريكية وهما بريجينسكي وكيسنجر بالقادة الصينيين عام 1980، لاجتذابها بعيدا عن الإتحاد السوفييتي، ودمجها في العولمة الرأسمالية. 
النتائج قصيرة المدى للسياسة الأمريكية كانت ناجحة، وبالفعل ابتعدت الصين عن الإتحاد السوفييتي، واندمجت في السوق الرأسمالي العالمي، لكن النتائج بعيدة المدى كانت خطيرة، فقد تمكنت الصين من خلال عمالتها الكثيفة والأكثر جهدا وأقل أجرا من إنتاج كميات ضخمة من السلع الرخيصة، وأغرقت بها أمريكا وأوروبا.
بدأ شقاق أمريكي تجاه نمو الصادرات الصينية، وانتصار الصين في معركة العولمة الإقتصادية، واقترابها من اعتلاء عرش اقتصاد العالم على حساب أمريكا وأوروبا. وانقسمت أمريكا بين الشركات الكبرى المستفيدة من العولمة، ومعها مراكز صنع القرار، مقابل قطاع آخر من الشركات والمؤسسات الخدمية وشريحة كبيرة من الطبقة الوسطى والعمالة الصناعية والزراعية، التي تراجعت أجورها أو فقدت وظائفها، في ظل التنافس غير العادل مع العمالة الصينية أو اللاتينية، 
القلق الصيني من سياسة ترامب عبر عنه الرئيس الصيني جي جين بينج بقوله: سواء أحببتم الأمر أم لا، فإن الإقتصاد العالمي هو محيط ضخم، لا يمكن حبسه في بحيرات معزولة، ولا يمكن وقف حركة السلع والتقنيات والأفراد، ولا يجب إلقاء اللوم على العولمة في مشاكل العالم الإقتصادية.
أراد ترامب تحسين العلاقة مع روسيا وجذبها بعيدا عن الصين، عكس السياسة الأمريكية القديمة التي كانت ترى روسيا عدوها الأول، ولهذا سعى تحالف العولمة داخل أمريكا إلى عرقلة خطط ترامب، وشعر ترامب بالضعف والعزلة أمام الهجمات المتوالية عليه من مراكز النفوذ، واضطر إلى تقديم تنازلات (المقال كاملا في أول تعليق)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى