إسهامات القراء

آمنة المعزون الزياني تكتب :تأملات كوفيدية

كنت كغيري من البشر على حافة شعور أنتظر بفارغ الصبر الذي أفرغ معنى الإنتظار من قاموسي. انتظر خبر إنتهاء ذاك الكوفيد اللعين الذي غير القوانين و المفاهيم. دحض الفيروس كل النظريات الفلسفية المتعلقة بالفينيمينولوجيا بعد أن أصبح الإنسان منفردا و منفيا عن الآخر و تحدوه صحراء من المخاوف و البرود بعيدا عن أمه و أبيه و صاحبته و بنيه.. شبح الفناء يحوم في كل شارع و يطرق أبواب الأحياء. حتى أننا اليوم امام كوجيتو جديد لا يمت إلى الكوجيتو الديكارتي بأية صلة. لم تعد تقترن صفة التفكير بالكينونة الإنسانية بقدر ما صارت السلامة هي البديل. و هانحن اليوم تمارس علينا سياسة القطيع في التصدي لهذا الشبح الوبائي. سياسة تحمل في طياتها الكثير من الإديولوجيا و ها نحن اليوم نتبع هذه السياسة و كل ما أخشاه أن يكون الكوفيد هوالذئب الراعي الذي ينتظر هفوة من الرقيب و مثله في ذلك كمثل الهو في مقابل الانا و الأنا الأعلى في الحياة النفسية كما مثلها لنا سيقموند فرويد.
الكوفيد هو شبيه إلى حد كبير بصخرة سيزيف فكلما أردنا أن ندفعها كلما انحدرت و عادت إلى نقطةالبداية و أخشى أن تكون اللا نهاية. هكذا هي حلقات العدوى عود على بدء فنكون في الاخير ضحايا حلقة مفرغة جوفاء من المعنى و محشوة بالعدمية المقيتة فتكون النتيجة أن نعيش بلا حياة. و لكن أعود و أقول بأن لا يأس مع الحياة و لا حياة مع اليأس…فالفيروس هو كغيره من الفيروسات الأخرى التي إكتسحت عالمنا سابقا وسيختفي و يتلاشى و ترصع الصحة رؤوسنا من جديد بعد أن نكون قد تخلصنا من تلك الطبقات الرمادية التي تكبل عقولنا و تكلس تفكيرنا و تغتصب كينونتها الإنسانية.
لعل هذا الفيروس يحمل معه حكمة بومة مينيرفا التي ستلقحنا من فيروسات روحية و عقلية أشد خطورة من الكوفيد. هل يمكن أن يكون هذا الفيروس هو الشفاء بدل أن يكون أصل الداء؟ هو شفاء من جور الساسة و ظلمهم لشعوبهم، هو شفاء لصرخة اليتامى و الابرياء تحت قصف قنابل العدو، هو شفاء لدمعة وطن يغرد خارج السرب هو شفاء لداء الجور و الطغيان البشري. أقولها علنا يا سادتي” ستزول الغمة و لكن سيظل في النبض وجع الامة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى