كتاب وشعراء

دِمشقٌ بِقلبِها أنت. ……. بقلم // عامر الشرع

دِمشقٌ بِقلبِها أنت.

صاحَ ديكُ الفجرِ بِصوتِهِ الشَّجِيّ عرساً، فَتحتُ عينيَّ في صَومَعَتي الخاصّة فرحاً، نَهضتُ مُسِرعاً نحوَ النّافذة؛ لِأستقبلَ رسالةً من ” عَروسَ المَجدِ “؛ بعدَ انتظارٍ دامَ ثلاثةَ أيام؛ الفجرُ دافئٌ بعضَ الشّيء، الأرض الصّفراء تَتراقصُ سَنابِلُ القَمحِ بها سعادةً .. هذا اليوم سَيكونُ رائعاً؛لكن….لا شيء يُذكَر منَ الرّسائلِ المُرسلةِ من ” أرضِ الياسمين “….
أينَ أنتَ يا ” سلوان “؛ لماذا تأخَّرتَ اليوم على غيرِ عادتِك صديقي؛ يستصعبُ عليكَ التّحليق في سماءِ الشّتاءِ الباردة، أمْ أنَّك تستنشقُ هواءَ مَعشوقَتي قليلاً.. لا لومَ عليك،لا لَومَ عليك؛ فَرائحةُ بِلادي لا تستحقُّ الفراق؛ أُجري الحديث مُتَّكِئاً على نافذةِ الصّومعة دونَ الرَّدِّ من قِبلِ ” السلوان “؛ صديقي الزَّاجل أنتظرُكَ لا تُطلِ الغيابَ، لهفتي فَاقَت قِمَمَ الجّبالِ لِقراءةِ الرّسالة؛
سَيأتيكَ صباحاً عندَ شُروقِ شَمسكَ صديقي العزيز متفائلٌ اتّجاهَ هذهِ الرّسالة من مَعشوقتِكَ الجّميلة، لا خوفٌ على ” السلوان “؛ أميرِ السّماءِ في تَحليقهِ الجّميل.

*إدرود صباحُ الخير عزيزي؛ أراكَ مُستيقظاً باكراً على غير عادِتكَ صديقي.
-أجل.. اعتدتُ أن أسبقكَ في الاستيقاظِ؛ صباحكَ الجّميلُ لا يُفوَّت أبداً.
*تجاملني، أمْ أنَّك تَتغزَّلُ بي لِأمسِكَ بكَ و من ثُمَّ أنثرِ حروفي بين أوراقي، عزيزي لا تستعجل الأحداث، وتَستَبِق الأمور؛ ما بالُكَ يا إدرود صَديقنا ” السلوان ” قد تأخّر على غير عادتهِ هذا اليوم.
-قلقٌ كَعادتِك أنت؛ لعَلَّ عَروستَك الجّميلة تَحتارُ بِرَدّها عليك، هي أيضاً تنتظرُكَ منذُ زمن.. أَقبِل عليَّ بِقهوَتكَ اللّذيذة أودُّ الحديث معكَ قليلاً، يَنتَابُني شعورُ الفراقِ منك؛ إنّني أخافُ مُغادرتكَ دونَ ميعاد.

*سَأجهِّزُ قهوتي، و من ثمَّ سَأمكثُ بينَ يديك تُخبرني بِما لديك من مشاعرَ مليئةٍ بِالقلق، يعزُّ عليَّ أن أراكَ هكذا بكلّ الخَوف اللّاأَعلمهُ من أمرك، انتظرني قليلاً.

أنثرُ حبّات البُنِ بينَ الماءِ السّاخن وبالي منشغلٌ بالتّفكيرِ بِـ” السلوان “، والأفكار تتلاشى نحوَ سوءِ الأمور التي من المُحتمل أنْ تحدُث؛ لَعلَّ الخيرَ في التّأخير هذا قادمٌ لا مُحال.
أسكبُ القهوة وأتلذَّذُ في مُشهادتها.. أَقبِل يا إدرود قَهوتُكَ جاهزة، ما بالكَ صديقي خائفٌ هكذا أخبرني عزيزي.
-عود دمي قد ذبل، عطشانٌ جداً للسّماء، تآكلَني الجّفافُ ولم يبقَ منّي سوى القليل، من بعدها لنْ أعودَ صَالحاً لأمسِك بِأناملكَ البيضاءِ كي تَجودَ بين أوراقي سحراً.
*خوفُك يا إدورد سَينتهي في هذه الأثناء، دعني أضعُ إبرة الدّماء هذه من لونِ السّماء في عودِكَ الجّميل، لن أتخلى عنكَ يا عزيزي؛ فَأنتَ من أحشاءِ هذا القَلب.
-أحبُّكَ جدّاً؛ بِمناسبةِ الحديث قهوتكَ لذيذةٌ جدّاً هذا اليوم، أعتقدُ أنّك قد وضعتَ القليلَ من هيلِ قلبِك على بُنِّ عينيك.
*تُشعِرني بِالخجلِ دوماً عزيزي… إدورد ألَا تَشتَمُّ معي هذا؛ الرّائحة المقدَّسة هذه،
نعم هذه رائحةُ الياسمينِ العَتيق؛
أمضي مُسرعاً نحو النّافذة وإذْ بِـ ” السلوان الجّميل ” على حافّةِ النّافذة يَحملُ بينَ أصابعِ قَدميهِ ظَرفاً مُرصَّعاً بِـ ” حَبّات الذَّهب “؛ يحوي زهورَ الياسمين كَعُربونِ الشّوقِ والمحبّة من مَعشوقتي، احتضنتُ حبّات الياسمين بِقوّةٍ غريبة، شعرتُ وكأنَّها تَنطقُ بحروفٍ يسهلُ لِلأذهانِ سمَاعها، كانت الحُروف تكوِّن جملةً رائعةً تقول : ” دِمشقٌ؛ بِقلبِها أنت ” .

| عَـامـر الـشّـرع | .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى