مريض رقم -16
مريض رقم 16-تم تحويلي إليك بصفتي مختصٌّ بحالتك، أخبرني ماذا فعلت بال7 أعوام التي قضيتها هنا أيها المبتسم؟ عدا استهلاكك لجسدك النحيل. . . . ليس بالكثير فأنا أشعر باقترابي من الموت أو ربما هو حقيقة العدم أنا أولد بها من جديد
حسناً م- ١٦) شاب في منتصف العمر يعاني من جنون واضطراب في الشخصية، أخبرني المزيد عن نفسك.
إنني أنظر إلى نفسي أرى أنني منضبط مع عقلي كحركة عقارب الساعة، عدا عطلِي الوحيد في تقدير نفسي فأنا أستيقظ مساء كل يوم كي أكلّمَ نفسي، أرقصُ بين الحين والآخر مع وسادتي التي أعانقها كلما ذهبت إلى النوم، أفعل ذلك كي أحفظ قلبي من الموت وجسدي من الشيخوخة المبكرة وروحي من التعاسة. أتمنى لو يكلمني أحدهم قبل ذهابي إلى السرير حينها لن أضطر إلى كتابة ذكرياتي الحزينة على ورقة بيضاء وحرقها. أحاول أن أضحك كثيراً، أن أهزم ما بداخلي من حزنٍ لكي أُبقي على دماغي حياً وأحميه من التّلف وأبدو أصغر عمراً.
هكذا أنا أحاول أن أكلّم نفسي كل مساء كي أُدمِنها، كي لا أتخلى عنها ذات يوم، أحاول أن أرفع من قيمة نفسي بشراء الهدايا لها حتى لا أفقدها الآن أو على المدى البعيد، أحاول إخفاء حزني بتغيير شكلي، بإخفاء آثار جرحي، أفعل ذلك لأحمي نفسي من شعور بداخلي يأكل جسدي شعور أقرب للموت يحرمني حريتي بسبب التعلق المزمن والخذلان المستمر.
نعم يا طبيب إن التعلق جزء من الموت أخاف أن تردني ضربة أخرى منه فأسقط أرضاً، لذا أضع قِنَاعِي الصلب القاسي على وجهي عامداً لحماية نفسي بإخفاء أجزاءٍ مني، كي لا أسمح لعدوي أن يضعني مع خانة الموتى فأصبحت أقلّدهم بصَمتِهم وقساوة أقنِعتِهم.
- طق طق توقف عن التكلم مع نفسك كل يوم، رحّب بطبيبك
الكاتِبة لجين سعد النعيمات /الأردن
