إسهامات القراء

محمد موسي يكتب :العيال بين العزوة و العبء

ما قاله تامر أمين و ما جاء في خطبة الجمعه اليوم …

عن أن كثرة الأولاد عبئ ثقيل على الأسر و على الدولة و أن أهل الأرياف يجتهدون في زيادة الإنجاب كما صرح ( تامر … نائب برلمان الشعب ) ليعملون عندهم في المدن بوابين و خَدم .

هذه ما هي إلا توجيهات … حق يراد به باطل …

و قد تمادى تامر في تجويده لخدمة الفكرة المكلف بإبلاغها حتى أدانها بنفسه و بلفظه …

فقد نسب للريف كثرة العيال و الجهل و الفقر ، و نسب إلى أمثاله و طبقته و المدن التي يعيش فيها التعليم و الغنى و رغد العيش .

و هذه إدانة لمن يمثلهم ، فهم من أهمل أهل الريف و الأقاليم و الصعيد و حرمهم من التعليم و الخدمات التي غمر بنعيمها طبقة النصف في المئة بالمدن الكبرى ، سواء فعل ذلك عن جهل ، فهو جاهل ، أو عن عمد ، فهو خائن .

و بالقطع جهل الصعايدة و الريفيين ، ليس عن غباء جيني وراثي – كما أراد أن يوحي بالتخصيص في تصريحه – و بقوله ، لكنه عن إهمال سلطات متعاقبة أراد أن يبرئها ، بدليل العبقريات التي خرجت من بين ركام جهل الريف و الصعيد ، بحالات فرديه فاقت نظرائهم في المدن ، و يمكن لأي باحث حصر أسماء المتفوقين في الثانوية العامة و أوائل الجامعات على مدار عشرات سنين مضت ، ليتحقق من نسبة أبناء الصعيد و الأرياف رغم معاناتهم إلى أبناء المدن المرفهين .

و ليعلم أبناء المدن المدللون ما يعلمه الريفيون ، فأنت كرجل ريفي تعرف يقيننا أن الأولاد عزوه، و أن الرجاله ما تتكرهش ، و معرفة الرجال كنوز ….

و هذا رغم أنه تراث شعبي ، إلا أنه له أصول دينية ، بل و بُنيَت به دول و إمبراطوريات ،

و تعلم أن هناك دول غنية و عظيمة قديما و حاليا ، ثروتها الوحيدة هم البشر ، الثروه البشريه ، هم رجالها و ايديها العاملة و عقولها المفكرة .

و تعرف أن دولا عظمى رغم أن لديها رجالها و شعوبها ، إلا أنها تُغري رجال العالم و سواعده و عقوله المفكرة المبدعة للهجرة إليه ، و تستوعبه و تستخدمه و توظفه فيما يتناسب مع قدراته ، فيدر نفعه عليه وعليها .

العيب ليس في كثرة أعداد الرجال ، بل في قلة خبرات و جهل هؤلاء الرجال .

و من المسؤل عن هذا الجهل و التخلف …. و من لا يزال يدمر في التعليم و الصحة ..!!؟؟

نعلم جميعا و نحن من الأرياف و على المستوى العائلي المصغر الملموس و المعاصَر ، أن بعض الناس باعوا أملاكهم و عاشوا عيشة الكفاف ليعلموا أولادهم ، الذين أصبحوا ذوي شأن لاحقا و أعزوا أهلهم بعد ذل و أغنوهم بعد عوز و فقر و فاقة، ولو كنت أعرف شخص باسمه من هذه النوعية أو حالة من تلك الحالت ، فإنه لا أشك أن حضرتك تعرف عشرات ، و تعرف عائلات بزغت من عدم …!!

و في المقابل تعرف عائلات كانت ذات أطيان و ثراء و أورثت أولادها الدور و القصور ، لكنها تركت عيالها بلا تعليم ولا صنعه ، بل على نعرات الماضي الغابر ، حتى باعوا ميراثهم و أضاعوا عزهم و أصبحوا لا قيمة لهم ولا مهابه .

كذلك الدول …. منهم من استثمر في تعليم و صحة أبنائهم و شعوبهم ، فنهضوا و سادوا كدول و كيانات ، و منهم من أضاع الثروات في المظاهر و البزخ على زخارف البناء و عظمة القصور و حتى زخرفة الأضرحة و القبور ، فأثقلوا الأرض باحجارهم و أهملوا شعوبهم و بشرهم ، فإذا ماتو و ذهبوا تهدمت فوقهم أصنامهم، ولم يتركوا ما يستمر به عزهم من خلف قوي متعلم .

فلا تخلطوا الأوراق يا سادة ، ولا تعيروا ضحاياكم، فيكفيهم ما هم فيه و يكفيكم صبرهم .

إن الثروة البشرية نعمه لو أحسنتم تعليمهم ما يحتاجه سوق العمل المحلى و الدولي .

أعيدوا فتح مراكز التدريب المهني لتعليم أنصاف المتعلمين من خريجي مدارس الجهل ، علموهم ليكونوا فنيين و صنايعيه بما يحتاجه سوق العمل ، و هذا التدريب يكفيه سته أشهر فقط ليخرج منه العاطل بصنعة على أسس و قواعد فنية علميه على أيدي فنيين و مهندسين أكفاء .

أعيدوا تأهيل عشرات الآلاف من مهندسى المعاهد الضعيفة و حتى خريجي الجامعات الغير مصنفة و الغير معترف بها دوليا ليمكنهم المنافسة في سوق العمل الدولي فضلا عن السوق المحلي .

تداركوا سمعة عمالتنا بالتدريب و التأهيل المتخصص الذي لا يكلف خزانة الدولة تكلفة مشروع واحد من تلك المشروعات العملاقة التي يمكن تأجيلها لستة أشهر مدة دورة التاهيل .

لم تقم القيامة بعد ، ولازال في الوقت متسع لنتدارك الأخطاء و نستعد .

نعم نستعد .

قريبا … و قريبا جدا و في غضون تلك الشهور السته ، سوف يحتاج سوق العمل العربي خاصة و الدولي عموما سواعدنا المصرية العالمة المدربة على حق ( مش فنجرة بُق ) … فاستعدوا يا من بيدكم الأمر و يا من بيدكم القرار …

ليبيا و اليمن و سوريا و العراق و لبنان و السعودية و الخليج عامة و غيرهم ، بلاد دمرتها الحروب و قريبا تنادي لإعادة الإعمار ، و دول ناهضة تسعي لزيادة التطور و التوسع ، و دول زاد تعدادها الذي كانت تسعى إليه و تحتاج للبنية التحتية و التوسع اللازم … رؤوس أموال بالمليارات بل و الترليونات في انتظار سواعد المصريين لتحيلها إلى تعمير .

الثروة البشرية المصرية بقليل من التأهيل ستدر على خزائن البلاد بتحويلات من الخارج و إنتاج من الداخل أعلا و أكثر من دخل قناة السويس و السياحة و أي إنجازات تمت .

و لله الأمر من قبل و من بعد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى