الحرجانة ….. بقلم // حميدة سليمان // ليبيا

الحرجانة
بصلتان… لا ثلاثة… ..كلما اخذت وقتا في التقطيع كلما أخفت موجة هادرة من دموع لم تستطع كبتها اختارت مسارها على وجنتيها ..الضيفة التي تؤنس بيتهم من ايام قادمة من جنوب البلاد ابنة عم زوجها .. كانت حملا ثقيلا عليها..دخلت للمطبخ وجلست تتبادل الحديث معها …فيما امتدت يدها بطرف كمها تمسح عينيهاوانفها ….عندما بادرتها عائشة وقالت: ( الي دموعها ينزلن وهي تقرض البصل تغار على راجلها )
أبتسمت وأطلقت تنهيده وهي تقلب الاواني بشئ من الإرتباك تضع الطنجرة على الموقد ..تشتت ذهنها ارهق جسدها …تشعر بتثاقل وان العمل لا ينجز استغلت صوت رنين هاتفها لتخرج مسرعة ..تلتقطه من الردهة وتقفل باب غرفتها لترتمي على سريرها في نوبة بكاء لا تعرف كيف تسيطر عليها …خذلها صبرها هذه المرة
يجب ان تعد الغداء مكرهة ..مجبرة ….
“الام لا تتعب ..لا تمرض” جاءها صوت والدتها كأنه قادم من بعيد فكثيرا ما كانت تكرر ذلك ..
تمالكت قواها خرجت من غرفتها مرت بجانب غرفة الجلوس وجدته يتكئ على وسادة ويتابع مسلسل شيق لم تجد وقتا لتتابعه
اقتربت منه وهمست بشئ اخال من يراها ..يظن انها تهمس بكلمات عشق وشوق …لكنها بهدوء يكاد يختنق صوتها تقول له
انا متعبة ( وحق ربي ما عندي حيل نطيب غداكم )
حينها كانت الدموع تتجمهر في مقلتيها مع ارتعاشة يدها وهي تشاور له بأصبعها ..لكأنها تقول احضن يدي اصبغ بعض دفئا اجدبت له أرضي
فأستحالت لعدم …
فيرد باستهزاء دون ان ينظر اليها :- ( ما اطيبيش)
شعرت بوخز في صدرها لكأن كل الرجاء انكب امام بؤسها .. ..لا شفقة اطلاقا
…يصفعها ببروده المعتاد عادت ادراجها للمطبخ فتعثرت بدميةابنتها … …
وسيل شتائم في صدرها… لعنت الحظ الذي رماها امام عربيد ..
كقنينة مضغوطة على وشك الانفجار عادت بتثاقل ..تكتم صرخة تكاد تهتز لها اركان جسدها المتعب ..مر وقتا حتى نضج الطعام ….سكبت الغداء للضيفة تزاحم الاطفال على الوليمة …… ومن ثم دخلو للقيولة ..لاذت بغرفتها ..نظرت للمرآة وهي تمسح جبينها ..وصدى كلماته …(استريني مع ضيوفي والا نرفعك لبيت اهلك )
ليست المرة الاولى ففي كل مرة تكون مريضة لا يأبه بها ..
تقف امام المرآة تتحسس وجهها وتغيب في فكرة ..احزمي حقائبك واتركيه مع اولاده وارحلي .. لمن اذهب فقد رحل والدي ..ولا مأوى لي …”باهي نمشي حرجانة بلكي يحس بقيمتي شوي ”
تعاود النظر للمرآه تمسح اثر كحل سال من اثر البكاء والعرق …وتبعد الفكرة
اخذت حماما دافئا… وهمت بجمع ملابسها وحليها تخبئه (للعازة)..لحظات … وافرغت حقيبتها …خبأت صيغة من الذهب تحت وسادتها …لكأنها الامان
سمعت صوت يردد داخلها …لا تتركي اولادك كيف تتركيهم لاب سكير عربيد
اوصدت غرفتها بالمفتاح
…
استلقت على فراشها وهي تلقم ثديها لطفلتها ..تنهدت
وغطت في نوم عميق