مريم محمد نعمي تكتب :الإستراتيجيّة الدّفاعيّة لحزب القوّات اللّبناني..

تعرف الإستراتيجيّة الدّفاعيّة بوصفها العلم والفن الّذي بمقتضاه توضع خطّة استعمال الإمكانات المتوفّرة لتحقيق الأهداف، وفي المجال الدّفاعي يرى المراقبون أنّ الإستراتيجيّة يجب أن تكون خطّة استعمال الدّولة لقدراتها بغية تأمين حمايتها ضدّ الأخطار الّتي تهدّدها، ويصف من يعطّل مصلحة أو ينتهك حقّاً وطنيّاً للوطن وبالتّالي يكون العدو وخطره هو المنطلق في تحديد إستراتيجيّة الدّفاع.
وبما أنّ لبنان بلد متعدّد الطّوائف، كلّ طائفة كان لها نصيباً أيضاً في تعدّد الأحزاب، كلّ طائفة تحمل حزباً معيّناً له إتّجاهاته السّياسيّة وإستراتيجيّته الدّفاعيّة وتوجّهاته الفكريّة.
بالرّغم من الإختلافات والإنقسامات نجحت بعض الأحزاب أن تتّفق مع الأحزاب الأخرى في تبنّي مفهوم الإستراتيجيّة الدّفاعيّة ضدّ العدو الصّهيوني، رغم أنّها اختلفت معها في نقاط أخرى ومع ذلك الحزب الوحيد على السّاحة اللّبنانية بقي على خطّ واحد على مسار تاريخه الحزبي الطّويل هو حزب القوّات اللّبناني!!
قد تبنّى الإستراتيجيّة الدّفاعيّة الغربيّة ولم يختار يوماً الإستراتيجيّة الدّفاعيّة الوطنيّة الشّعبية، حتّى أنّه لم يعترف بالمعادلة الذّهبيّة ( جيش_شعب _مقاومة )!! بل حاول جاهداً أن يدحض هذه الإستراتيجيّة الدّفاعيّة في شتّى السُّبل والوسائل منها : تشويه صورة المقاومة وإظهارها أنّها هي الّتي كانت تنتهك السّيادة اللّبنانيّة وتفتعل الحروب مع إسرائيل.
كان هناك تصريح لرئيس حزب القوّات اللّبنانيّة “سمير جعجع”، أنّ قرار السّلم والحرب ليس في يد الدّولة بل في يد حزب الله معتبراً أنّ حزب الله جرّ اللّبنانيّون إلى حرب لا يردونها وأنّ للحزب حسابات تتعلّق بإيران والمحور الذي تقوده يغامر في تفجير الوضع في لبنان!!
على الرّغم ممّا قدّمته المقاومة من تضحيات في سبيل أن يبقى هذا البلد مصاناً حرّاً له سيادته، لقد قدّمت المقاومة إلى لبنان ما لم يستطع أحد أن يقدّمه.
في ظل الإحتلال لقد حرّرت لبنان من الإحتلال في العام ألفين وأهدت هذا النّصر إلى كلّ اللّبنانيّون، ونجح الأمين العام السّابق لحزب الله “السّيد حسن نصر الله” في رسم معادلات ردع قويّة مع العدو الصّهيوني بقوّة السّلاح وليس بقوّة الحوار، بل القوّة العسكريّة الهائلة للحزب أجبرت الإسرائيلي على ترسيم الحدود البحريّة، وبالرّغم من تداعيات الحرب على لبنان وما تركته في مخلّفات وملفّات منها الأسرى وإعادة الإعمار.
تحتاج إلى الكثير من التّعاون من أجل إيجاد حلول جذريّة لها وأهمّها دحر العدو من الجنوب اللّبناني، وبالرّغم من الإتّفاق الّذي نصّ على نشر الجيش اللّبناني على طول شمال اللّيطاني، إلّا أنّها استمرّت الخروقات الإسرائيليّة إلى يومنا هذا وبالرّغم من استلام الجيش العديد من النّقاط والمواقع إلّا أنّ الأستفزازات الإسرائيليّة للجيش والشّعب لم يتوقّف بل كان في تصاعد مازالت إسرائيل إلى اليوم تنتهك السّيادة اللّبنانيّة جوّاً وبرّاً…
آخرها رفع جندي إسرائيلي العلم الإسرائيلي قبالة موقع للجيش اللّبناني في كفركلا وسط صمت محكم من الدّولة اللّبنانيّة ودعاة السّيادة!!
هذه الممارسات تناقضت مع تصريح النّائب القوّاتي “زياد حوّاط” الّذي صرّح قائلاً : كلّنا جاهزين كي نحمي الأرض “مين قلّك بس حزب الله مقاومة” إذا الجيش اللّبناني دعى الشّعب اللّبناني نحن نسانده، “أنا من جبيل بروح بسانده” ومع أنّ حزب الله لم يرد إلى يومنا هذا على كلّ الخروقات والإعتداءت الإسرائيليّة، بل طالب الدّولة اللّبنانيّة في التّصدي إلى العدو عبر مؤسّاساتها الأمنيّة وتحمّل مسؤولياتها تجاه مواطنيها!!
لم تلتزم إسرائيل إلى اليوم بتطبيق القرار 1701 ولم يتحرّك المجتمع الدّولي ولم يضغط عليها الإلتزام، مازالت النّائبة القوّاتيّة “غادة أيوب” تعتبر أنّ المجتمع الدّولي هو من يعطي الضّمانات ويجب أن نضع الجيش بالواجهه إذا كانت إسرائيل بدها تعتدي علينا؟؟؟
عذراً ماذا تسمّون كلّ تلك الإعتداءت السّابقه؟ ألم تقتل الجنوبيّون العائدون إلى تراب منازلهم وقراهم؟ألم تأسر مزارعين مواطنين بالرّغم من دخول الإتّفاق حيّز التّطبيق؟ ألم تستمر في الإعتداءات على السّاحة اللّبنانيّة؟ نطالب أن يخبرونا كيف يكون شكل الإعتداءات لديهم؟العديد من التّصريحات المماثلة منها تصريح النّائب القوّاتي “غيّاث يزبك” “خلينا نطبّق القرار 1701 من الجانب اللّبناني وسلّم الجيش وبتحدّى إسرائيل تقوم بمخالفة القرار!!” …
وكأن؟ لبنان هو المخالف وإسرائيل هي المطبّقة للقرار، لقد وظّفت القوّات اللّبنانيّة أبواقها الإعلاميّة لتضليل وتجييش الرّأي العام اللّبناني على المقاومة اللّبنانيّة! ووظّفت كلّ قدراتها البشريّة في سبيل الدّفاع عن الإستراتيجيّة الغربيّة وحاولت في شتّى الطّرق أن تستغلّ كلّ الثّغرات لـ بثّ الكراهية والنّعرات الطّائفيّة بين الأطياف اللّبنانيّة، بل ساعدت محطّاتها في تقديم معلومات جاهزه للعدو خلال الحرب على لبنان لأنهم ينتمون إلى متراس واحد! إفتخر وزير الخارجيّة “جو رجّى” في مقابلة له في برنامج “صار الوقت” مع “مارسيل غانم” بأنّه كان على المتراس القوّاتي يوماُ واعتبر أنّ الأعداد الهائلة للمشيّعين أزعجت المجتمع الدّولي! ألم يزعج المجتمع الدّولي التّدمير الهائل للقرى والمدن؟ ألم يزعجها أنّ إسرائيل أظهرت ضعف مواثيقها أمام المجتمعات؟ ألم تزعجها المشاهد الدّمويّة والإقترافات الغير إنسانيّة بحقّ الشّعوب العربيّة؟
وصرّح أنّه ينقل إلى الخارج العقليّة القوّاتيّة بإحترام السّيادة اللّبنانيّة ليطرح عليه “مارسيل” سؤال كيف حطّت الطّائرة الإيرانيّة يوم التّشييع؟ هل أخذتم ضمانات من الأميركان بعدم التّعرّض لها؟ قائلاً : نعم، كيف تكون السّيادة وعن أي سيادة تتحدّثون؟ حتّى أنّه لم يصرّح عن موقفه من التّطبيق ولم يرفضه تاركاً جوابه في نقاش مجلس الوزراء عندما يطرح الأمر.
قدّمت القوّات اللّبنانيّة مصالحها الشّخصيّة على المصلحة الوطنيّة واختارات أن تقف في صفّ العدو ضدّ فريق لبناني تعتبره خصمها الأشرس فقط لأنّه اختار أن يموت هو ليحيا لبنان بكرامته وسعادته، وأن لا تستبيحه القوّات الإسرائيليّة.
السّؤال الّذي يطرح نفسه : هل تسعى القوّات اللّبنانية في هذا العهد عبر نيّاتها المعلنة عبر مواقفها إلى التّطبيع مع الكيان الإسرائيلي حتّى لو زجّت البلد في حرب أهليّة؟؟