
لم يعد هناك عجب علي الإطلاق ،ولا مفاجآت صادمة في ان نستيقظ بين ليلة وضحاها علي أنباء إندلاع حرب جديدة في مكان ما علي وجه كوكب الأرض ،فهذا هو بأختصار ماحملته أخبار المواجهات العسكرية المفاجئة – في ظاهرها – المتوقعة في حقيقة الأمر بين الهند وباكستان ،والتي اسفرت نتائجها الأولية عن صدمة كبري تلقاها الساسة والعسكريين في الهند قبل أي أطراف آخري ،لما تكبد الجيش الهندي خسائر جسيمة بالطائرات والمعدات وكلها من المعدات الغربية الصنع ،أثر معركة جوية كبري في مواجهة مباشرة مع الجيش الباكستاني المتحصن بطائرات ومضادات أرضية صينية الصنع ،ليخرج التنين الصيني من هذه المعركة منتشياً منتصراً بعد توارد بياناتها الأولية وكأن الصين هي الرابح الأكبر في تلك المعركة إن لم تكن الرابح الأوحد !
▪️▪️▪️
ولأن الدولتين – باكستان والهند – الواقعتان جنوب القارة الأسيوية لهما تاريخ كبير من الصراع العسكري يمتد لعقود وتحديداً منذ العام ١٩٤٧ وحتي تاريخه ،كان لزاماً علينا أن نلقي الضوء ولو بالنذر القليل علي أصول هذا الصراع وطبيعة وديموجرافيا سكان كلا الدولتين .
الصراع الهندي الباكستاني بإختصار شديد صراع طويل الأمد وممتد لعقود خلت ترجع لفترة ما قبل استقلال الهند عن الأمبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس أو ماعرف قديمًا ببريطانيا العظمي ،فبداية من استقلال الهند عن الحكم البريطاني عام ١٩٤٧ تم تقسيم البلاد إلى دولتين ،الأولى ذات أغلبية هندوسية (الهند) وعاصمتها دلهي ،والثانية دولة ذات أغلبية مسلمة (باكستان) وعاصمتها كراتشي .
كان الهدف الخفي للمستعمر من هذا التقسيم هو الإبقاء علي الصراع قائماً بوضع الدولتين الهند وباكستان بشكل دائم تحت ضغط الصراع العسكري والسياسي والإقتصادي والأمني ،ما أدى لهجرات كبيرة بين البلدين وخارجهما ،كما كرس المستعمر لصراعات متواصلة بين الدولتين بدءاً من حرب عام ١٩٤٧ حين اندلعت الحرب الأولى بين الهند وباكستان بسبب نزاع على إقليم كشمير ،لتنتهي في ١٩٤٨ بتقسيم الإقليم بين الدولتين مع سيطرة للهند على الجزء الأكبر منه.
بعدها وفي عام ١٩٦٥ نشبت الحرب الثانية بين الدولتين الهند وباكستان بسبب نزاع على الحدود ولعدم استقرار اقليم كشمير بعد ،وانتهت تلك الحرب باتفاقية (تاشقند) التي أعادت الحدود إلى ما كانت عليه قبل الحرب ،ثم تلتها حرباً ثالثة عام ١٩٧١ بسبب دعم الهند لحركات الاستقلال في بنجلاديش التي كانت آنذاك جزءًا من باكستان لتنتهي الحرب بتقسيم باكستان إلي دولتي بنجلاديش وباكستان.
كما كانت للتوترات النووية بسبب التجارب التي أجرتها كل من الهند وباكستان في عام ١٩٩٨ ،وكذلك تصاعد الهجمات الإرهابية التي شهدتها الهند خلال الفترة من ٢٠٠١ إلى ٢٠٠٨ والتي نسبتها الهند إلى باكستان دوراً في صب المزيد من الزيت علي النيران المشتعلة بالأساس ،وهو ما زاد من حدة التوترات بين الدولتين وتزيد من تشابك العلاقات الدبلوماسية والعسكرية بين الدولتين حتي فجر امس الأربعاء حين وقع الهجوم الهندي علي الأراضي الباكستانية بحجة مكافحة الإرهاب.
كانت الهند قد أطلقت عملية عسكرية جوية ضخمة استهدفت معسكرات وصفتها بالإرهابية داخل باكستان ،ولكن باكستان فاجأت الهجوم الهندي بدفاع جوي دقيق نجح في إسقاط ٥ طائرات هندية غربية الصنع ،منها طائرات رافال الفرنسية وميج-29 وسوخوي-30 الروسية ،مستخدمة منظومات دفاع جوي صينية متطورة مثل HQ-9B وHQ-16 وLY-80، وبمواجهة مباشرة للطائرات الغربية مع الطائرات الصينية من طراز J-10C وJF-17 Thunder.
الهجوم أدي إلى زلزال في أسواق الأسهم الغربية والصينية وخاصة في الشركات المنتجة عندما انخفضت أسهم شركة Dassault Aviation الفرنسية، التي تنتج طائرات الرافال، بنسبة 1.6%، بينما ارتفعت أسهم شركة Chengdu Aircraft الصينية التي تنتج طائرات J-10C بنسبة 18% .
▪️▪️▪️
الشاهد أن التنين الصيني كان هو الفائز الأكبر وربما الأوحد بهذه المعركة ،حيث بدي للمراقبين أن الصين قد حققت نجاحًا كبيرًا في تصدير سلاحها إلى باكستان التي أستخدمته في معارك حقيقية وحققت من خلاله تفوقاً كاسحاً سوف يترك أثراً قوياً وتساؤلات عديدة داخل منظومات التسليح المختلفة بالعالم أجمع ،وربما تعيد كثير من الجيوش حساباتها في منظومات الدفاع والردع من أجل احقيق التفوق العسكري ،وهو ما سينتج عنه بالتأكيد تجدد رغبات دول أخري في تغيير أولوياتها وفي تنويع مصادر تسليحها ،ما سيؤدي بشكل واضح إلى تغيير موازين القوى في العالم ،وليبقى علي السؤال الملح حول مستقبل منطقتنا ومدى تأثرها بهذا التفوق الملحوظ وأثره على التوازن العسكري وبالتالي علي مصادر التسلح في منطقة الشرق الأوسط.