فيس وتويتر

السفير فوزي العشماوي يكتب :ليبيا

تدهورت الأوضاع بصورة مفاجئة أمس في العاصمة الليبية طرابلس، نتيجة انتشار ارتال عسكرية مسلحة تتبع ميليشيات قادمة من مصراتة، ووقوع إشتباكات بالاسلحة الثقيلة والرشاشات بين ألوية عسكرية وقوات دعم الاستقرار المرتبطة بالرئاسة، مانتج عنه مقتل عبد الغني الككلي ( غنيوة ) قائد هذه القوات، وقيام الحكومة هناك بتعليق الدراسة ومطالبة المواطنين بملازمة بيوتهم، كما ناشدت بعثة الأمم المتحدة وسفارة الولايات المتحدة الاطراف المتنازعة بخفض التوتر وحماية المدنيين
هذه الإشتباكات لاتفاجئ أحدا من المتابعين للشأن الليبي، فالسلاح ليس محتكرا في يد جيش ليبي موحد، بل مقسم بين سلاح في الشرق وسلاح في الغرب، وسلاح الغرب مقسم بين سلاح يتبع حكومة الدبيبة المعترف بها أمميا وبعضه يدعم الرئاسة وثالث بيد الميليشيات، وهذه الميليشيات ذاتها تنقسم بين ميليشيات أيديولوجية تتبني أفكار داعش والقاعدة وأخري نفعية تقدم الدعم والحماية تحت الطلب، لذا من السهل أن تندلع الاحتكاكات والاشتباكات في أي لحظة نتيجة الاختلاف علي المغانم والثروات والمناصب والقرارات ..
ليبيا بها حكومتان : الدبيبة في الغرب وتعترف بها الأمم المتحدة، وحكومة حماد في الشرق التي يحميها حفتر ويقرها البرلمان المنتخب، وليبيا تعاني منذ إندلاع الثورة في ٢٠١١ من التشرذم والاستقطاب وتوطن ميليشيات الاسلام السياسي وإنتقال السلاح الكثيف الذي كان بحوزة الدولة في عهد القذافي لأياد وميليشيات كثيرة بالاضافة لأسلحة واموال جديدة ودعم سياسي ولوجيستي من اطراف اقليمية ودولية للأطراف المتصارعة هناك حتي تظل الأوضاع هشة ومتفجرة وتظل هذه الدولة قليلة السكان كبيرة المساحة والمتخمة بالثروات تراوح مكانها، إذ لاتبدي هذه الأطراف الاقليمية او الدولية رغبة صادقة في دفع الفرقاء الليبيين المدججين بالسلاح لتوحيد الكلمة واجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتوحيد الحكومة والقوات المسلحة واخراج الميليشيات، لأن هذا يضر بمصالح هذه الاطراف، وفي ذات الوقت لاتوجد بعد قيادة ليبية قادرة علي توحيد الشعب والجيش وإعادة إحتكار الدولة للسلاح بعد فشل حفتر في بسط سيطرته علي طرابلس سنة ٢٠١٩
تعدد القوي والاطراف التي تحمل السلاح هو أخطر الأمور في الدولة الحديثة وخاصة في منطقتنا الموبوءة بالإستبداد السياسي ( الذي كان القذافي بلاشك نموذح له )وماينتج عنه ويواكبه من تطرف ديني واستقطاب سياسي ونشوء للميليشيات والتنظيمات السرية التي تمتلك السلاح وتنتهز أي فرصة لإسقاط الدولة وتقاتلها ثم تتقاتل فيما بينها وتروع المدنيين وتحدث حالة من الشلل في القرار السياسي
ولعل ماقاله عدد من النواب الليبيين في بيان لهم يمثل وصفا وتفسيرا جيدا لماحدث ويحدث في ليبيا : ” فشل واضح في استكمال المسار السياسي، وتعطل متعمد في تشكيل حكومة موحدة، واستمرار حالة الجمود في تسمية وتوحيد المناصب السيادية، وغياب قرار وطني جامع يحمي الدولة ويضمن استقرارها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى