ثقافة وفنون

غداً ندركُ أن الثورات …..قصيده للشاعره مرح مجريسه

غداً ندركُ أن الثورات 
ليستَ ملاعقاً للريحِ
ولا مغناطيساً يلتقطُ الرصاصَ الحي
وأننا لم نكن قردةً تتقافزُ على أكتافِ المارةِ
غداً ندركُ
أننا لا نحملُ هويةٍ مثقوبةٍ
ولا نلبسُ حذاءَ أحدهم
ولا نسرقُ طريقهُ
غداً نستقبلُ أصدقائنا
بأسمائهم الجديدة
على الشوارعِ 
ولافتاتِ الحاناتِ والمدارسِ
والمشافي الحكومية
غداً نجلسُ مع أشباحهم خلفَ جدران ماضينا المبتور
نفتحُ صناديقنا معاً
نخرجُ النساء والأرصفةَ 
وننفخُ عنهم الغبار
نقرأُ رسائلنا القديمةَ
ونشتمُ ساعي البريد
وسنارةَ الصيدِ
والبحرَ
والأسماكَ
غداً تمسحُ أمنا العجوز
بُقع الدَّم الصغيرة عن ذاكرةِ الشّمس
وتبدلُ شراشفَ القبور
تضربُ بعكازها مؤخرةَ الوقتِ 
تقولُ: امضِ 
كي أعيدَ ترتيبَ الجذورِ 
في قاعِ الأصيصِ
غداً تترك أختنا
شفتيها الغامقتينِ للقمصان الباردة
تبكي
وهي تدحرجُ كل الجهاتِ نحو الماءِ
وتضمدُ جرح بطنها بخيوطِ العنكبوت
غداً يُسقطُ أطفالنا أسلحةَ العيد
ويهمون بجمعِ حباتِ الخرزِ
من ساحات المعارك الخامدة
بأجسادهم المقفعة
/عندها سأسألكَ
هل مُتَ حقاً
أم أنكَ لم تتخلَ عن عادتكَ الطفولية في الاختباء؟ /
غداً يبكي الشمعُ
حتى تنطفئَ عيناه
نشعلُ مصباحاً كهربائياً
نجلسُ إلى المدفأة 
نقلبُ صورَ أصدقاءنا المغتربين
نشدُ أذن الغياب بملاقط صدئة 
كانت معلقةً على حبلِ رحمنا 
قبلَ أن نقطعهُ
البلاد الباردةُ غداً
أصابعٌ مبعثرةٌ في يدٍ واحدة
راياتٌ ترعفُ فوقَ متاريسها
وأحدهم يكتبُ
“من هنا مرت كتائبُ الحمام”
/لو أن موجاً من اللاذقية يصلُ إلى دمشقَ
ويحلُ ضيفاً على ذاكرتنا المتعبة
لن نحتاجُ إلى مجاديف لنعبرَ الأزقةَ الضيقةَ بيننا /
غداً
حينَ يكونُ في كلِّ حقيبةٍ
جنينٌ سوري
يبحثُ عن رصيفٍ في قاعِ المحيطِ
ليولدَ عليهِ
أفتح أنا نافذةً للحبرِ 
في قريةٍ مهدمةٍ
ونافذةٍ ليخرجَ الألم
الذي ينبحُ في رحمٍ خال
تنزفُ ذاكرتهُ على الأريكةٍ
تحتَ سقفِ الخيبة المفتوح
كلُ سنونوةٍ مهاجرة
تركت قبلةً على كتفِ الغصن
نظرت إلي وبكت
كل سنونوة
أحبت البلادَ كطفلٍ ضالٍ
وهاجرت سيراً على المناقير
/احتاجُ إلى رصاصٍ كثيرٍ
كي أكتبَ اسمكَ الطويل كموسيقى النصرِ
أو كي أتركهُ في قلبِ أحدهم/
غداً أقعُ على عتبةِ خيمتكِ (بيتك الجديد)
وأهديك حصتي من المعونة الأنسانية
وأخبرك أني أحبكِ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى