تاريخ العرب

يوم 8نوفمبر 1973م.. «السادات» يهرب من نائبه حسين الشافعى..

ذهب الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل للقاء الرئيس السادات فى قصر «الطاهرة»، طبقًا لموعد متفق عليه، لتقييم نتائج زيارة وزير الخارجية الأمريكية هنرى كيسنجر إلى القاهرة «7 نوفمبر». وحسب هيكل فى كتابه «أكتوبر 1973 – السلاح والسياسة»، فإنه فوجئ عندما وصل فى مثل هذا اليوم «8 أكتوبر 1973» بوجود فوزى عبدالحافظ، سكرتير الرئيس، ينتظره على باب القصر، واتجه إليه قائلًا: «سندخل من باب جانبى لنصعد إلى الدور الثانى دون مرور على الدور الأول، لأن السيد حسين الشافعى جاء طالبًا مقابلة مع الرئيس فورًا، والرئيس لا يريد أن يقابله، وهو مصمم أن ينتظر فى الصالون حتى يراه».

استقبل السادات ضيفه هيكل فى غرفة النوم الرئيسية، وطبقًا لـ«هيكل»: «كان خارجًا لتوه بعد حمام دافئ، كما أن ثوب الاستحمام «البرنس» الأبيض لا يزال يلفه، ودخل به بين أغطية الفراش، وبادر بإظهار تعبه بعد الجهد الذى بذله فى الأسبوع السابق كله، فى محاولة تثبيت وقف إطلاق النار، وفى الاستعداد لزيارة كيسنجر».

كان هيكل فى لقاء مع كيسنجر مساء يوم 7 نوفمبر، وامتدت جلستهما طويلًا فى حوار صحفى بمقر إقامة كيسنجر بفندق «هيلتون»، وكان السادات يعلم أن هيكل لديه ملاحظات على شكل وموضوع ما حدث مع كيسنجر أثناء زيارته، وطبقًا لهيكل، فإن ملاحظاته زادت بعد مقابلته لكيسنجر، وحين حاول أن يبدأ بها طلب السادات أن ينتظر حتى ما بعد فنجان شاى أو نعناع: «لا داعى لدبدبة حوافر الخيل فى الأرض بالتحفز قبل أن تنطلق إلى السباق». وفى فسحة الانتظار كان السادات يروى هادئًا بعض انطباعاته من مقابلته لـكيسنجر. ويؤكد هيكل: «كان من المحقق أن وزير الخارجية الأمريكى قد تحول فى خيال الرئيس السادات إلى بطل أسطورى قادر على شق طريقه بقوة من نجاح إلى نجاح فى خط متصل حتى نهاية الأفق».

تحدث هيكل من حيث انتهى السادات، قائلًا: «الرجل فعلًا يستحق الإعجاب، وإننى واحد من المعجبين مثلك، وأعتقد أنه ربما ينجح فى حل أزمة الشرق الأوسط، وربما أقول بدقة إننى أخشى أن ينجح فى حلها، ومبعث خشيتى أن نجاحه سوف يكون وفق قانونه هو، وليس وفق أى قانون آخر، أى أن نجاحه قد لا يكون بالضرورة نجاحًا لنا، ولذلك فإنه من ألزم الأشياء أن نسأل أنفسنا: ما أهداف كيسنجر فى أزمة الشرق الأوسط، وفى محاولته الراهنة لحلها؟»، ثم قال هيكل: «معى الآن مجموعة من الأوراق التى كتبتها حتى الفجر بتفاصيل حوارى معه، وبما استطعت استخلاصه من هذا الحوار، وأريد أن أقول لك بأمانة انطباعاتى».

جاءت انطباعات هيكل فى 7 نقاط، هى: 1 – الهدف الأول لكيسنجر فى الشرق الأوسط هو حماية وضمان أمن إسرائيل، 2 – قد لا يوافق على توسع إسرائيل حتى الخطوط التى احتلتها حتى يوم 5 أكتوبر 1973، لكنه لا يوافق على عودة إسرائيل إلى خطوط ما قبل 5 يونيو 1967، 3 – مطلب كيسنجر الأساسى هو استمرار تدفق البترول دون انقطاع، وبأسعار معقولة، 4 – إن كيسنجر يهدف إلى إعادة تثبيت النفوذ الأمريكى كاملًا ومنفردًا فى المنطقة، 5 – إن كيسنجر يهدف إلى طرد الاتحاد السوفيتى من المنطقة بالكامل، بادئًا بإخراج السلاح السوفيتى منها، 6 – أول مطلب لكيسنجر فى هذه اللحظة هو بدء مفاوضات مباشرة بين العرب وإسرائيل، ومقصده من ذلك انتهاز الفرصة لكسر الحاجز النفسى الذى يمنع العرب من التعامل مع إسرائيل، 7 – كيسنجر لا يريد التعامل مع أزمة الشرق الأوسط ككل، وإنما يريد أن يتعامل مع كل دولة على حدة بعد عزلها والانفراد بها بعيدًا عن الآخرين .

يصف هيكل الحالة التى كان عليها السادات: «كان يسمع ممددًا فى فراشه، وكما كان يفعل أحيانًا أسدل جفنيه على عينيه وهو يسمع، وبعض الخلجات من تعبيرات وجهه كانت تعكس نوعًا من نفاد الصبر مما يسمعه، وكان تعليقه: أنت تتصور أننى أقوم بفك اشتباك مع إسرائيل، وهذا هو الغلط الذى وقعت فيه، ما أقوم به هو فك اشتباك مع أمريكا وليس إسرائيل، هل أنا واضح ؟».—منقوووووووول

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى