ثقافة وفنون

إلى بشير العاني….قصيده للشاعر أنور عمران

إلى بشير العاني:

كان طويلاً
كنخلةٍ على طرفِ الفرات،
والماءُ حين يحكي
كان يسيلُ من تشابيههِ المالحة
التقينا في حمصَ من ربعِ قرن
ضحكنا أكثر من نهرينِ
وبكينا أقلَّ ..
قلت يا بشيرُ
سيقتلني الجوع يوماً،
فقال:
تزوّجْ حبيبتكَ التي كانت تحدثنا عن المسرح العبثي..
ومن ربعِ قرنٍ
كانَ وسيماً
مثل يوسُفَ
وحالماً مثل جوقةٍ من الشعراء
حدثني عن الديرِ
مثلما تتحدثُ أمٌ عن غزالها
وغنّى عن بناتٍ يكبرن هناك مثلما يكبر الصفصاف..
صافحني، وذهب..
الرسائلُ كانت قليلة
ولكن قصائدهُ كانت تشي بالغاباتِ التي يُربيها قربَ القلب
وبعد عشرين سنة
ضبطته في مقهى دمشقي
يتحدثُ عن سوريا
مثلما يتحدثُ النسرُ عن السموات
سنحيا..
قالَ، وعندما سألتهُ عن الفرات
سقط زورقٌ من عينيهِ
وغنّى عن بناتٍ يكبرن هناك كالصفصاااف..
لم تتسع دمشقُ للرقص الذي جالَ في خاطره
كان ينقصهُ نهرٌ ليكون هو..
حمل قلبه… صافحني، وذهب.. .. ..

البلابلُ التي طارت من جسده حين قتلوهُ
والأنهار التي عادت إلى ينابيعها
والشبابيك التي أغلقت قلبها
لم تكن كافيةً لنوقف سيل الكلام…
فقد قال لي مرةً:
يسعدني يا صديقي أن أموتَ غريقاً في الفرات!!
……
كان من الممكن أن أكون مكانك
لكن المسافة أبعدت عن قلبي المشنقة..
كان من الممكن أن نكون مكانك
لكن تعديلاً طفيفاً في كتابِ الآلهة
أراد أن ننجوَ كي نصغرَ أكثر أمام طولكَ…
كي نعرف أن الأرضَ خائبةٌ
وأننا سنبكي أكثرَ من نهرين….

 
 
 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى