ثقافة وفنون

الفنان السوري المبدع منير العيد: تأويل الجمالية بين اللون المتعالي المطلق وإشكاليات الجدل

كتب :عبدالرحمن شاكر الجبوري

يعد تأويل الجمالية من أشد التأملات الفلسفية الجمالية التي وقف عندها الفنان السوري المبدع منير العيد موقفا نقديا في العقلانية التشكيلية بين اللون المتعالي المطلق وإشكاليات الجدل على حد سواء، مبلورا رؤية فلسفية جديدة متميزة. كما أنه من أقدر على صبّ التوجهات الاولية الفكرية التي ناهضت النزوع لسفح الاحادية او الاثنية، ودافعت عن أهمية الإيمان الجمالي للكائن والاشياء الانسنية لهما. كما إن تأويل الجمالية لدى الفنان (منير العيد) هو في نفس الوقت ما يمثل نفسه في الأشياء باعتباره منظومها الداخلي في الاختيار والحرية، مراعيا أنسجتهما الضمنية التي تتقابل داخلها الأشياء وتتماثل ظاهريا، بطريقة ما. واللون المتعالي المطلق هو أيضا ليس يسيرا تأمله إلا من خلال منظومة التصور والعصف الذهني واللون على رغم ما سبق. إذ لا يتجلى هذا إلا ضمن إشكاليات جدل تنهمك بعمق إلا في الخزائن البيضاء “اللوحة” لهذه النسيج بوصفه ابداعا مهيئا لمخاض شيئا موجودا بصورة سرديات جمالية محسوسة بحسب ما قبلها، وما يجعل لفنانا المبدع له نظرة تأويل جمالية هنا ينتظرها في صمت دلالي مُسَّبق لحظة تمثله مع اللحظة الولودة مع اللون وجدلية الأشياء بجماليتها المعلنة ضمنا ام ظاهريا.

 
وسنركز في هذه المقالة على الجانب الجمالي المعرفي لدى الفنان المبدع (منير العيد) من هذا البعد وتأويله الفلسفي عنه، قصد مقاربته اللونية المتعالية المطلقة والوقوف عند ملامح جِدَّتِه ودلالة إشكاليته الجدلية، وسنتموقع بالانطلاق من موقف اعمال الفنان من تمهيد سؤال الجمال المعرفي؛ بأعتبار أننا نلحظ أن ثمة وجوب الإمكانية لكي نتلمس بتفحص دقيق ما هو مختلف ملامح تأويل الجمالية وأبعاد منظومته الفلسفية من خلال الوقوف عند النقد للتصور الجمالي الفني التشكيلي بوصفه نسيج حياة لصيق. إذن فما هي رؤية الفنان لإشكالية تاويل الجمالية؟ وما هي المعالجة التي اقترحها لإشكال علاقة الفلسفة بين اللون المتعالي المطلق وألجدل كإشكالية مبلورة بحسب مكونها التشكيلي من مساحة الفراغ والمجسم واللون ؟ وكيف استطاع الفنان، في مناخ فلسفي تشكيلي مشبع بوضعية تقليدية الاسلوب الظاهر والمكامن، أن يُعيد للتأمل الفلسفي الجمالي قيمته التأويلية، ويجعل منه ضرورة معرفية بين ابداع اللون المتعالي المطلق في زمن إشكالية شيوع جدل المعرفة التقليدية في إيجاد النموذج الفلسفي الجمالي الابداعي التشكيلي المغاير.
 
يمكن اختزال هذه الموضوع للمقال/الدراسة ضمن محورين اساسيين، ويُحمل كل محور محمولات لثلاث إشكاليات. المحور الاول: تأويل الجمالية واللون المتعالي المطلق: – إشكالية تأويل الجمالية الوقائعية بين اللون المتعالي المطلق – إشكالية تأويل الجمالية التصنيفية بين اللون المتعالي المطلق – إشكالية تأويل الجمالية التنقيبية المتجددة بين اللون المتعالي المطلق المحور الثاني: تأويل الجمالية وإشكاليات الجدل الفلسفي – إشكالية الجدل الفلسفي الوقائعي – إشكالية الجدل الفلسفي التصنيفي – إشكالية الجدل الفلسفي التنقيبي المجدد
 
المحور الاول ، يتماثل في الحضورللتأويل الجمالي تذكرا للتذكر باللون المتعالي المطلق، وحلول للاشكال الجدلي في التخفي فينا كحاضر تأويلي، إنه تعالي لإرادة الإماكانية من بين الإرادات للدلالة المحتملة أو الاشارات المتوقعة الظهور بمدلولات أخرى، وخروج للضمني من كموناته المتخفية او المؤجلة الحضور نحو الوجود بما هو موجود en tant qu’étant، في وقائعه/تصنيفاته/تنقيباته، وحده الوعي الانساني من يستطيع الإقتناع التماثلي بفكرة الحضور عبر التأويل الجمالي له، ووحده هذا الإنسان بـ”وعيه لاجله” من تمكن من تغييب إشارة/ رمز الحضور التأويلي الجمالي، أي تلمس حضوره كتأويل اشاراتي جمالي ضمني/متغيب وليس كتأويل جمالي ظاهري/حاضر، حيث لا تستقيم اللوحة عند الفنان (منير العيد) ومنطقها المتمرد إلا بواسطة هذا الفرض، وإن كان تشكيلا قادر بمحتومه الظهور لتداركه بابصارنا، فإنه أيضا هاجسا تأويليا لنفس الوجود بالوانه واشياءه، وتخفي المتعالي المطلق عنه هو الانخراط في الوجود الأصيل بما سبقه من إشكالية حضوره، مما يدعى الجدل بحضور الفكرة او الرمز الدلالي المختزل في الظاهر للشيء، وليس الوجود اللوني باشياء ذو المعنى المزيف بدلالته، والذي نعيش إخضاعات تفسيراته وشروحات أنقاضه ضمن كنف يومياتنا الحالية.
 
والمحور الثاني، الجدل الفلسفي عن المغيَّب على جانب نقيض تماما حضور ظاهره في المعنى، وقاطع الدلالات بمؤولاته، فهو الذي يقينا مبحث ألم فحص التذكر بمتعاليات ألوانه المطلقة، أي التجلي به ما نطمح بتأويل جمالية تغيبه، كما أنه المدرك اليقيني الجمالي عن تغيبنا بمتعالينا للوجود الدلالي وانغماسنا بغمرتنا التامة في الوجود اللوني للاشياء وللشروحات والتفسيرات للاشياء المزمع فهمها، فالمتغيب الجدلي بإشكالياته هو جوهر اللوحة في أعمال الفنان، وضامنها الأول لقيمة الفن التشكيلي برؤية خطوطه وتشابك أنسجة جنسنتها التنسيقية في مستوى التأمل، إذ من خلال المتغيب الجدلي الفلسفي نستمر في تأمل اللوحة تفاديا للوقوف عند أكثر اللحظات نقدا ظاهريا عابرا، وعند أشدها فهما ووطأة شرحا على الوجدان، وهو في نفس اللحظة يمنحك “أي الفنان” تخطي للذاكرة ساعيا بقوة لإرادة غرس اللوحة بأشياءها والوانها وما تحمل من الباطن والظاهرة فينا، مؤكدا نبشه في توليفات ارادة التحرر considérations inactuelles لغرض هذا الفرض في ان أصغر تجليات التأويل الجمالي، كشفها بالاشارات مضامين جمالية متعالية مطلقة بالالوان، كما في أكبرها تتخالد بالتوليد التأويلي المتجدد، هناك شيء من خلاله نعرف أن اللون المتعالي المطلق يوّلد إشكالا جدليا بالضرورة، والذي هو حينها ليس سوى إمكانية التغييب la possibilité d’oublier، أو بعبارة أدق إشكالية الجدل تحتفظ بالتغييب كدلالات غير مبرهنة الوجود بتعاليها بل هي ملكة تأويل نشؤ جمالية الإحساس بالأشياء وتفقدها متعالية بالبحث عن تفسيرات بتأملات وإرغراق صوفي “ان صح بحسب ما سبق” ومدى تعميرها التفسيري خارج أي منظور تاريخي قابل لتوضيحه. من ثمة إن كان تأويل الجمال معرفيا إنسني لا يغييب، أي أنه لا يمكن إلا أن يستكين اللحظة الوافرة احادية المعنى بتأويل جمالي واحد، عندها تتجمد فيه إحداثيات وحيثيات الزمن للمعنى في تجلي المتعالي المطلق، وآنذاك فقط يموت الجمال بإنسنية تفسير وشروحات وتوضيات الفهم كما اي كائن، ويتماهي بالبشاعة والهلاك أيضا كوجود في تشكيل اللوحة، إننا ننسى لسبب بسيط ألا وهو الاستمرار والديمومة في اللوحة كتشكيل فني ابداعي، كما نحاول ان نغيب انفسنا أيضا هروبا من القباحة والبشاعة في المسوخ الظاهر كمطلقات للمعنى التشكيلي في الفن، بل ان الفنان المبدع (منير العيد) يوجهنا إلى إن جوهر الذاكرة جمالية تأويلها هو التغييب الظاهر وليس حضور ضمنيتها المتذكر كما يعتقد ألغالبية ربما من المتلقين في تطلعات أعمال الفنان، أو كما كانت تعتقده وتظهره بعض العيون الناقلة للوحة بصفتها فنا تشكيليا مفرغ سلفا من نبشه الضمني للمعنى او تأويلاته اللونية المتعالية في أقزاح لونية هائمة بمدد الشروحات والرموز.
 
    إن أهم أسلوبية للفنان (بحسب أعتقادي ونظرتي المتواضعة)، وأهم سبيل للانخراط في إشكالات الجدال الفلسفي ليس إلا التمهيد على تفسير وشرح وفهم كيفية تفعيل اللحظة الحسية النابضة في اللوحة، فالمتلقي الذي لا يتأمل حسيا بالأشياء واللون إلا من خلال تاريخية دلالتها، كالذي نتوجهه على مستخلف حضور الدلالة فيه، إلا إن هناك أشياء حاضرة وجلية، لكن محمل برهانها الطبيعي ليس يكمن محموله إلا في فهمها كحالة جدلية ضمنية وليس كظاهر في الدلالة، صحيح أن الدلالة تناقض ظهورها هي الآخر ايضا وبالضروة تأويلية الجمالية للوحة  كمعنى من خلال مخاض عمله الدائم على إلغاء الإشكال الجدلي في وعينا الظاهر، عندها تتبارى الإشكالية الجدلية لعبتها غير الظاهرة او المتأملة بحذر عندما يتحول إلى ظاهر دلالي الحضور، لكنه ليس ظهورا للعيان وإنما ظهورا فلسفيا للجدل، فيعدو الإشكال الجدلي ظاهرا دلاليا حاضرا، لاسيما سيرورة حضوره تفرض بجدية كلما تغيبت الدلالة حضوره بالضرورة بجديته، أي دلالية الإشكال الجدلي كتغييب او استقدامه المؤجل في اللحظة الحسية النابضة، من ثمة وحسب فلسفة الفنان (منير العيد) للمتلقي والمتباطيء بوعيه الفني الراهن على التحذق في إطار العمل الفني في اللحظة النابضة الحساسية في التذوق الجمالي، يكون متغيب عن كل أحداث ماضوية جدلية للحظة ظهور الدلالة كمؤشر إشكالي جدلي بالفهم، أي هو الذي يصعب فرز نسيج المُفسر في التفسير او الشرح، مما يدعو عليه الإيعاء بالتأويل، إن ليس يمكن له إيجاد مكانة ذهنية للتأويل الجمالي في تطويع للون المتعالي المطلق للحظة الحسية النابضة كانتصار للمعنى، إنه لن يعدوا أبدا ناهضان بتأويل تماثلي في الاشياء المطلقة، والأجدى والادهى من كل ذلك، انه ليس بمقدوره تفعيل إدراك ما في الاشياء لمنح الفهم والمعنى للآخرين أو لذاته المؤولة اللاحقة. هكذا فقد رسم الفنان عمله الابداعي التشكيلي كإشكاليات جدلية في المتغيب الحاضر، في عمق فلسفته الاسلوبية الخاصة، لترسيخ معالم واسلوبية جديدة في المتن للعمل الفني اثناء التحول للمعنى من خلالها تاويلات جمالية إلى سبب للوجود raison de vivre، او الظاهرة التي يعالجها، وليس إلى شيء حث فرضه عابر ليتوجب النَطُّ من براثنه الإشكالية الطارئة.
 
 إن افترضنا جدلا، بأن للمتلقي له مشاغله او سرحان ذهني أثناء زيارته للوحة بصريا، لنتفق معه كذلك، وفلتكن اللوحة  للفنان (منير العيد) إذن خالية من أي إشكالية جدلية، ربما كان المتلقي سينقرض بتفكيره، بما أنه خاضع لملكة التأمل والتأويل الباطني ببحثه ع المعنى لاجل التوصل إلى الفهم، مبرهنا لنفسه من خلال مدركه البصري عكس باقي الكائنات في حضور المشاهدة للعمل الفني، أو ربما إلغاء ذاته بذاته كيفيا، إن الإشكال الجدلي بذات اللحظة يتفاعل هو الآخر مع ذاته في توليد رموز وإشارات دلالية محاولا إظاهر وساطته التواصلية بحسب المدركات المتاحة، إي إنه يمثل طاقة ابداعية وخلاقة تتوالد وتتوارد بحسب قوة إشاراتها بجهو المدى اللوني المتعالي بمطلقه، إذ لا يمكن للوحة أن تستمر في تأويل الجمالية في اللوحةة إلا بواسطته او المدى الادراكي لوعيه، فالإشكال الجدلي يخفي تفاسيره الدلالية تارة بالتفكر التأملي للاشارات الماضوية ومحاولة احياءها من جديد، او يعيش الخلوة الذهنية والعودة بملاحظات تفيد للتفسي او التوضيح بنوع من الفهم باقتراب المعنى. وكما يظهر احيانا الامر بالنسبة لحضور الملاحظة في انعاش اللحظة الحساسة للنهوض بالاشارة، والركون بها من أجل القيام بتأويل جمالي أثناء تحويلها إلى قدر واحد من الفهم ووحيد للمعنى، وذلك سعيا على تحقيق ظرفية التواصل والقدرة للمخيال على الاستمرارية بالتقاربات ورسم الرموز بدرجة من اللون المتعالي المطلق، والتحلق بها بعيدا بفضاءات الروح المتسامية بدقة اللحظة الحسية النابضة متجنبا القبح، وعليه فقد علينا الوقوف امام جهد الفنان الابداعي بالقرب من قبول اللحظة الحسية النابضة قبل انفلاتها، مع معطياته التأملية بكل حرص ومرونة علية مع المتلقي”العابر سبيل للفن” وليس الجمود والتحجر فيها إلى أبد الآبدين كإيديولوجيا وقطيعة جازمة، إن إغلاق التأويل الجمالي كفلسفة قد يقفل كل مشارف نوافذ الجمالية البسيطة للشعور في بعض الأحيان، وكما فهم وعمل الفنان (منير العيد) بالعمل على تشذيب جماليات اللاوعي من التأملات للتفسيرات المزيفة، خلال فتحه لأبواب العبث والفوضى واللامعقولية الخلاقة والاستماع إلى ضوضاء وعي المتلقي، حيث مهد لنا هذا الأمر على البحث من جديد عن خفايا ومضامين الإشكاليات الجدلية ما حدثت خارجيا، وما عكست احدثه خلال اللوحة، حينها قد لا يبتعد فكر المتلقي تاريخيا بجدلية تشظي تلك الإشكاليات ومدى ما اناطت بها من تفسيرات حول آلية تأويل الجمالية بين اللون المتعالي المطلق، وإنما لجعل تلك الجدلية الفنية التشكيلية والذوقية تصل بتماس معرفي للفهم ليصبح الزمن الجمالي المعرفي إشكال جدلي وجدل للجدل ذاته لاجل توليد وعي مغاير في المضمون وما قد يتماثل حضوره في الظاهر اللوني ايذا، أي أن الفنان يدعو التفكر بمنطق اللحظة الحسية الجمالية الراهنة التي تشوه زمن اللوحة بثلاثية أبعاد تشكيلها الفني المبهم في الشيء والفراغ واللون لصالح الزمن المتأرث بالروتين التفسيري او شروحاتها ماضويتها المستخلفة.
 
 وإشكاليات الجدل أيضا ليس لحظة ثابتة، إن الفنان المبدع (منير العيد) يجادل باسلوبته ويناضل بفرشاته كي يعلن تشبثنا باللوحة لتأويل جمالي، ويجادل كذلك بلمسات لحظات تجلي اللون المتعالي المطلق سعيا إلى حيوية الذهن بالاستمرار جمالية في اللوحة، ثم يجادل لحظات تلمس التفسير والشرح والتوضيح بغبطة خلال الاشكال تأسيسا لتأويل جديد للمعنى، هكذا فالإشكالات الجدلية هي محرك انفعالي حسي يتحرك بهشيم للتأويل، وجنسنة تناسقية تتوازن بها ضروراتنا إن لم نقل أنه الجمالية نفسها، وعليه فالفنان (منير العيد) يرى في نفس التوليفات للاشياء المثيرة الدهشة بوعينا آنفا، أن قراءة تبادلية بي ظاهر ما يرانا به ومضمون ما عسى يتوالدي بيننا وعلى عكس الملتقي للاشياء بعفوية، حيث تأملاته لا تعرف كللا ولا عبورا منهكا ولا ألما بتنقيبة عن فك الرموز للاشياء او الشفرات لزوايا الجماليات المكانية-الزمانية في حث اللون بتعاليه للمطلق، فهو غير عاجز على تأويل المتغيب الجمالي، مثلما هو ليس قانطا على محاكمة تفاعله الاشكالي الجدلي، لأنها وبكل بساطة لا تتالق بتراكم ما تتذكر الالوان في تعاليها للمطلق، وعليه فالسبب من هذا الفرض ملموس وجلي في اعمال الفنان (منير العيد) ليس إلا إعلاء الفيض الجمالي الروحي التأملي من نصيبه وشأنه شأن الإشكال الجدلي، إنه ليس فقدانا لطبيعة الخبرة والاسلوب بين الملون والاشياء غلى القماشة البيضاء للتعالي بتألق التذكر التواصلي لها، ولكنه اثارة ردة فعل القوة الفعالة وما لها من أثر على تأويل الجمال الوجودي في إطار تأويله وتفسيره والفهم للمعنى، هكذا فالإشكال الجدلي حسب الفنان (منير العيد) هو قوة للتحرر puissance de libération، لإبثاق اللون المتعالي المطلق في أفق تأويلي جمالي للاخر، أي أنه  يمنحنا خلاله توليدا تناسقيا مجنسنا، من خلالها نمتطي الارادة للحرية واعلان تحررنا من قيود التفسيرات والشروحات الماضوية، ومن ذكريات إيقونات تشرح إشارات وموز مزيفة، كي نؤطر وننمط للحظة الحس اللوني المتعالي المطلق ، إشارات أخرى وبنفس تأويلي جمالي مزدهر آخر.
 
 أن الفنان فتش وبحث في خطوط وملامح ومنحنيات معربا عن معناها فينا، أي تراث وفلكلور ما يمكننا أننا تعود في الزمن والتاريخ كمكان يتعالى فيها الهاجس التأويلي الجمالي، ل جمالية متفاعلة، لكن ليس بمنطق التذكر للون وخطوط ومنحنيات الاشياء المجردة، وإنما بمنطق التأويل البحثي الجمالي عن شيء جديد لإشارات التعالي المطلق، والحال أن الفهم  المثالي الذاتي او الوعي العقلاني للزمن والتاريخ في الاشياء، كتأمل وتدقيق في اسلوبية وابداع تحقيق المتعالي الحسي لفكرة  جوهر المتعالي المطلق، والفهم الإشاراتي للنقاض المتماثلة في الباطن والظاهر للاشياء كصراع تأويلي في جوهر المعنى المتوالد، ليس يستويان بجنسنة تنسيقية متكررة في الفهم، والتفسير للاشارات واسلوبية وجودها في المفكر به واللامفكر به الذي أراده الفنان المبدع (منير العيد) للزمن والتاريخ، إلا نصابا تأمليا في الكيفية التأملية وبنوععا الجمالي المتعدد بالمختلف الجنسني للمكرر والمختلف في أجنسنته، حيث يعدو هذا الأخير إبداعا فنيا تشكيليا على مستوى الفن كتشكيل وعلى مستوى الفلسفة الجمالية في منحها باب التفرد نحو المتلقي من خلاله يمكن تحييد اوتوقف التفسير للفهم من منطق الحتمية المطلقة للاشارة التاريخية بانها قطعية مطلقة، وذلك بواسطة ادوات الوقائع والتحديث تصنيفي والبحث التنقيبي لفوائض القيميية للإشكاليات الجدلية، مما يحيد الفنان المبدع بنا إلى تفحص وأحياء ما للزمن من تفسيرات مزيفة لاجل أعادتها للشروحات وفق أزمنة تاريخية قابلة لبحث دلالات معارفها من أجل أن إشكالات جدلية قابلة للتجديد، نتجادل جدلها كلما تولدت إشارات قابلة للتأويل من جديد، واينما أستحدث ذلك كلما تمكنا من التمعن في الاسلوب والطرح الابداعي وهو يستخرج خلوعات جديدة للعقل في عزل وفرز من الاشياء المزيفة التفسير لصالح الفهم الجمالي المرن في إيجا لون يتلضى باللون الحسي المتعالي نحو المطلق الحسي، أي يخلصنا من وثنية التفسير المطلق للاشياء لصالح الوعي المتجدد بالمعنى المؤول للمفكر به بالضمني او اللامفكر به بالظاهر، مما يجعلنا تحمل ما قد تسعى المعرفة الجادة بتصنيفها التأويلي الجمالي إلى تهدم القبوسات اللبوسة، كي تبني شروحات وتوضيحات للفهم بها من جديد، ولصالح الوعي والادراك معا، والذي لعب الفنان خلاله دورا فاعلا مثيرا للجدل الاشكالي ثم كي يستمر في هاته الجمالية في أسلوبة الغزير اللون المتعالي مطلقا.
 
 اللون المتعالي المطلق هو إشكال جدلي بكامل محمولاته الدلالية من اجل احياء لروح الإرادة في الفنان، إذ بواسطته نحتفظ بالمثال والجدارة المتألقة في نبش ما يحمله من جديد ابداعي لتفحص وتشيب ما عثر عليه ببحث وفطنته الابداعية م جماليات تأويلية لنتحلى بالفكر عنها، الذي يعدو من خلال اعمال الفنان (منير العيد) مرجعا لكل فعل اوجدته مناقبه الجمالية من تأويلات فاعلة، ومعه نستيقط مرة أخرى في إشكاليات الجدل وتأويل الجماليات بين الاشياء الضرورة بلون يعد تعاليه مطلقا حسيا وجماليا للعقل، أما الإشكلات الجدلية فهي إمكانات مرجعية للعثور على مدلولات تقويمية  ومعرفية في منطق التماثلات التأويلية الظاهرة المفسرة بحسب مدلولاتها، او بمضامينها بمعان وتفسيرات آخرى وقادرة على تناولها في اللوحة بمتطلع تأويلي وقراءات أخرى، إن الفنان كريس اعماله لصراع الإشكاليات الجدلية بقواه الخفية التي تبسط ألوانها المتعالية مطلق هيمنتها في المشاهدة مؤقتا لصالح قوة أخرى تحملها مدلولات معرفية في معارفنا وتجاربنا الفنية التشكيلية والحياتية في تأويل الجاليات كمعان مكانية-زمانية متبدلة ومتولدة بحيوية التجديد، وعليه فالإشكال الجدلي هو من يعقلن جمالية علاقتنا ويؤول إشارات الماضي في تفسيرات قديمها إلى وحدات إشاراتية ورمزية معرفية نحو المستقبل خلال فهم حاضرنا، حيث يصبح هذا الأخير حيوية راخنية في عمق وعينا، و بين ابصارنا، وليس منطقا لكل أفعالنا فقط كتجرد جامد، الإشكاليات الجدلية هي الحرية التي تساعدنا في ضخ تأويل جمالي الجدة وباستمرار في احياء اللوحة في رواق ما قام به فنانا السوري المبدع (منير العيد)، واللون المتعالي المطلق هو الباحث الحقيقي عن سر فتيل تأويل الجمالية نحو إرادة قوة التحرر فينا.
 
 وأخيرا، عندما حاولنا قراءة اعمال الفنان السوري بمدخل متواضع كهذا، انما هو دافع نعيده مرة أخرى لاجل اتساع القراءة الثنائية للتأويلية الجمالية بين اللون لمتعالي المطلق وإشكاليات الجدل بناءً على منطق اللوحة والعمل الفندي الابداعي الحي الذي تلمسناه لأعمال الفنان (منير العيد)، كما اننا نجد أن هاته الأخيرة هي الأخرى مججدا لإشكالية الجدل فينا، إنها إشكالياتنا الجدلية للوجود كوجود en tant qu’être لإرادة التحرر، وتذكر للتأمل الجمالي للوجود كموجود بين اللون المتعالي المطلق، بواسطة الجدلية الجمالية بزمن وتاريخ متذكرين المتغيب الحاضر في التأويل الجمالي، وبواسطة الإشكاليات الجدلية وتغييب ما قد لم يظهر بمضمونه الان، هو الوجود الحيوي القادم بجمالية مستحدثة، فتتخلخل مرة أخرى هاته الاشكالية الجدلية للالوان ذاتها في إعادة متوجها الجمالي، حيث لا يمكن للوحة أن تستقيم بدون إشكال جمالي للفنان، مثلما لا يمكن للفلسفة الجمالية أن تكون إلا عن طريقها ـ الإشكال الجدلي في نقائض اتماثل الظاهري والباطني للمعنى ـ، وعليه فقد كان الفنان (منير العيد) مثير الدهشة في أفكاره الابداعية مما يثير أذكياءً جماليات الفن التشكيلي بغبطة متعالية الحس والدفء، عندما قسم الخطوط والشياء بمنحنياته عوالم إلى عمقين متماثلين للتأويل الجمالي، عوالم اللوحة حيث تتعالى خلالها الوان التعالي المطلق، وعوالم الفكر وفلسفة الجمال ما بعد مشاهدة اللوحة حيث ما هديت به تفكيك إشارات المفسر المزيف إلى حدس تماثلي ملموس عن رمزية حيويته، إذ حسب، ومنه فالإشكال الجدلي ليس يمكن له أحجية ومتعثرات قد غلا أن يلازمها التاويل بين اللون المتعالي، إنهما كَفَّتَيْ اللوحة بتأويل جمالية الموضوع وتوازنهما الجنسني التنسيقي، هذا وإن كان الون المتعالي المطلق واضحا بما يصيب أخلاقيات تاويل الفلسفة الجمالية، فإن الإشكال الجدلي لدى الفنان هو هوية باسلة الدلالة لقدرته الفنية واسلوبه الابداعي، وايضا مقدام بإقدامه نحو انجاز لوحتة للمتلقي بتفان روح الفنان المتألق عطاء، ما إن تبدأ رحلة رواقه الفني المعطاء حتى تنتهي بنا إشكالات جدلية متجددة كي نبدأ مرة أخرى متلهفين لجديده، وبنفس الجدة متجددين العطاء.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى